تكنو لايف

المغرب يعتمد لأول مرة إطاراً قانونياً لتنظيم الأصول الرقمية


خطا المغرب خطوة مهمة نحو تنظيم قطاع الأصول الرقمية بإيداع مشروع قانون جديد في 31 أكتوبر 2025، يهدف إلى وضع إطار قانوني شامل ينظم التعامل بالعملات المشفرة مثل بيتكوين، إيثيريوم، والـ Stablecoins، بعد فترة طويلة من الغموض القانوني بين الحظر والتسامح الجزئي. ويأتي هذا الإطار لضمان الثقة وحماية المستثمرين والمحافظة على الاستقرار المالي.



أول مرة في تاريخ المغرب: قواعد واضحة للأصول الرقمية
ينص المشروع، الذي أصدره وزارة الاقتصاد والمالية، على شروط ممارسة الأنشطة المرتبطة بالأصول الرقمية، ويحدد قواعد الشفافية، الحوكمة، والامتثال للمعايير القانونية. وقد استوحى المشروع من اللائحة الأوروبية MiCA ومعايير مجموعة العمل المالي (FATF)، ساعياً إلى الجمع بين الحذر والحداثة.

تنظيم صارم بدون منع
يرتكز القانون على مبدأ تنظيم السوق دون حظر، بحيث يقتصر تقديم الخدمات المرتبطة بالأصول الرقمية على المزودين المرخصين. وتشمل هذه الفئات منصات التداول، مُصدري الرموز، ووكلاء الحفظ، الذين يجب أن يحصلوا على ترخيص من الهيئة المغربية لسوق الرساميل (AMMC) أو بنك المغرب حسب نشاطهم.

وتشمل المتطلبات رأسمال كافٍ، خبرة إدارية، إجراءات رقابة داخلية، والالتزام بمعايير مكافحة غسل الأموال. وسيتمكن الأفراد من شراء العملات الرقمية، مثل بيتكوين، فقط عبر المنصات المرخصة، بينما ستكون المعاملات المباشرة بين الأفراد ممنوعة، لتقليل مخاطر الاحتيال وضمان تتبع الأموال.

حماية المستثمرين والتجارب الدولية
يشترط المشروع فصل واضح بين أموال العملاء وأموال المنصات، مستفيداً من الدروس المستخلصة من فضائح FTX وQuadrigaCX، حيث فقد العديد من المستثمرين أموالهم بسبب غياب الرقابة. كما سيخضع مصدرو الـ Stablecoins لموافقة مسبقة من بنك المغرب ونشر كتاب أبيض يوضح آلية العمل، مع ضمان إمكانية استبدال الرموز بقيمتها الاسمية.

عقوبات صارمة لضمان الامتثال
تتمتع الهيئة المغربية لسوق الرساميل بصلاحيات واسعة تشمل تعليق الأنشطة، تعيين مديرين مؤقتين، أو تصفية الشركات المخالفة، في خطوة تهدف إلى تأمين سوق لا يزال هشاً.

توازن بين الحذر والابتكار
القانون يعترف جزئياً بالأصول الرقمية كأصول مالية، دون منحها صفة العملة القانونية، حيث يبقى الدرهم المغربي العملة الرسمية الوحيدة. ويستثني المشروع بعض المجالات مثل التعدين، التمويل اللامركزي (DeFi)، NFTs، والأصول الرقمية المعقدة، ليترك التركيز على الرموز الشائعة والمستقرة.

ورغم ذلك، يخشى بعض المراقبين أن تقييد نطاق القانون قد يحد من ابتكار الشركات الناشئة المغربية في مجالات البلوكشين والتكنولوجيا المالية.

خطوة نحو الثقة والاستقرار المالي
تعود مبادرة تنظيم الأصول الرقمية إلى عام 2022، عندما تم تشكيل لجنة عمل وزارية لتقييم المخاطر والفرص. واليوم، يمثل مشروع القانون بيئة آمنة للمستثمرين مع فتح المجال للابتكار المالي تحت إشراف دقيق.

ويأمل الخبراء أن تعزز هذه الخطوة من مصداقية المغرب على المستوى الدولي وتجذب الاستثمارات الأجنبية، رغم أن المتطلبات الاحترازية قد تثني بعض اللاعبين الصغار. إذا نجح المغرب في تطبيق هذا الإطار بشكل مرن وتطوّري، فقد يصبح من بين أوائل الدول الإفريقية التي تعتمد تشريعاً كاملاً للأصول الرقمية، في تحول نوعي لهذا القطاع المتسارع النمو.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



السبت 15 نونبر 2025
في نفس الركن