و تعكس هذه المبادرة الطموح الوطني لتعزيز الأمن الطاقي عبر تنويع مصادر الإنتاج، خصوصاً في المناطق الحدودية التي تلعب دوراً محورياً في الربط بين المغرب وشمال وغرب إفريقيا. وستقوم المحطة الجديدة بتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة 1.5 ميغاواط، مدعومة بنظام تخزين متطور عبر بطاريات بسعة 1.5 ميغاواط ساعة. هذا الجمع بين توليد الطاقة النظيفة والتخزين الكهربائي سيضمن استقرار إمدادات الكهرباء ويخفف من تأثير التذبذبات المرتبطة بتقلبات الطقس والإشعاع الشمسي.
بالإضافة إلى ذلك، ستعتمد المحطة على نظام إدارة طاقي متقدم (EMS) قادر على التحكم الذكي في مختلف مكونات المنظومة، وتنظيم عمليات شحن وتفريغ البطاريات بكفاءة عالية، كما سيشمل نظام تشغيل احتياطي باستخدام مولدات الديزل لتأمين استمرارية التزويد بالطاقة في أوقات الطوارئ أو ضعف الإشعاع الشمسي.
يجسد هذا المشروع جزءاً من نهج متكامل لتعزيز التنمية المستدامة في منطقة الكركرات، إذ يأتي موازياً لوحدة تحلية المياه التي بدأت العمل منذ نوفمبر 2023، مما يعكس رؤية شاملة تدمج بين الأمن المائي والطاقي في واحدة من المناطق الحيوية للمملكة التي تعد بوابة هامة نحو القارة الإفريقية. وهذا التكامل يبرز توجه المغرب نحو تطبيق حلول التنمية الخضراء التي تجمع بين الفعالية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.
وعلى المستوى الوطني، ينسجم هذا المشروع مع خطة التجهيز الطاقي للفترة 2025-2030 التي تتضمن استثمارات ضخمة بقيمة 220 مليار درهم لتطوير البنية التحتية الكهربائية، مع تركيز على دمج أوسع للطاقات المتجددة، وتعزيز قدرات التخزين، وتطوير شبكة النقل الكهربائي، في سبيل بلوغ هدف طموح يتمثل في تحقيق 56% من القدرة المركبة عبر الطاقات المتجددة بحلول نهاية عام 2027.
تمثل هذه المبادرة أيضاً جزءاً من الاستراتيجية الوطنية للطاقة التي تهدف إلى تقليص اعتماد المغرب على واردات الطاقة، والحد من الانبعاثات الكربونية، وتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني في ظل تحولات السوق العالمية للطاقة. وتعكس هذه الخطوة التزام المغرب بتنفيذ الاتفاقيات الدولية للمناخ، وعلى رأسها اتفاق باريس، من خلال الاستثمار في مشاريع تجمع بين الاستدامة الاقتصادية والبيئية.
يؤكد مشروع المحطة الهجينة بالكركرات أن الاستثمار في الطاقات المتجددة لا يقتصر على البنية التحتية فقط، بل هو استثمار في مستقبل مستدام ترتكز فيه التنمية الاقتصادية على مبادئ الحفاظ على البيئة، وتوفير فرص عمل جديدة، وتعزيز جودة الحياة للمواطنين. كما يمهد هذا المشروع الطريق أمام تنفيذ مبادرات مشابهة في مناطق أخرى بالمملكة، لتعزيز الانتقال الطاقي وتوفير الطاقة النظيفة على نطاق أوسع