حياتنا

المغرب يطلق جيلاً جديداً من التنمية: عدالة مجالية وإنصاف اجتماعي برؤية ملكية متجددة


في خطوة مفصلية تعكس تحوّلاً عميقاً في فلسفة تدبير الشأن العام، أطلق المغرب، بتوجيهات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، برنامجاً وطنياً طموحاً تحت اسم “برامج التنمية الترابية المتكاملة من الجيل الجديد”، ليؤسس بذلك لمرحلة جديدة من البناء التنموي القائم على العدالة المجالية، الإنصاف الاجتماعي، ودمقرطة القرار التنموي.



تحول استراتيجي في مقاربة التنمية
هذا المشروع الوطني لا يُعد مجرد استجابة ظرفية أو رداً على حراك اجتماعي، بل يمثل ترجمة عملية للتوجيهات الملكية التي وردت في خطابي عيد العرش وافتتاح السنة التشريعية، واللذين رسما بدقة ملامح نموذج تنموي متجدد.

فالتحول اليوم يتجلى في الانتقال من قرارات مركزية فوقية إلى مقاربة تشاركية تعتمد على مبدأ “من الأسفل إلى الأعلى”، حيث تصبح الجهات والساكنة المحلية في صلب اتخاذ القرار، بما يجعل التنمية أقرب إلى المواطن وأكثر استجابة لحاجياته الحقيقية.

المواطن في قلب المشروع
ترتكز هذه البرامج على إشراك كل الفاعلين المحليين—منتخبين، جمعيات، مجتمع مدني، وساكنة—في صياغة الأولويات التنموية. فالمشاريع لم تعد تُرسم من مكاتب مركزية بعيدة، بل تُبنى من الميدان، على أساس تشخيص محلي دقيق واحتياجات واقعية.

وتترجم هذه المقاربة روح الجهوية المتقدمة التي أرسى دعائمها جلالة الملك، باعتبارها رافعة أساسية لتحقيق توازن ترابي وعدالة في توزيع فرص التنمية.

إنصاف المجالات الهشة
يضع البرنامج الإنسان في قلب الاهتمام، مستهدفاً بالدرجة الأولى المناطق التي عانت طويلاً من التهميش، كالمناطق الجبلية، الواحات، القرى البعيدة، والمناطق شبه الحضرية. وتعمل الدولة على معالجة الفوارق المجالية المتراكمة عبر تحسين الخدمات الاجتماعية الأساسية وضمان تكافؤ الفرص لجميع المواطنين.

التشغيل… محور العدالة الاجتماعية
يُشكل خلق فرص الشغل محلياً أحد الأعمدة الكبرى لهذا المشروع، من خلال برامج ميدانية ذات أثر مباشر مثل:

تهيئة المسالك القروية

إعادة تأهيل المراكز الصغرى

دعم المقاولات الصغيرة والأنشطة المحلية

إدماج الشباب والنساء في الدورة الاقتصادية

وفي هذا الإطار، تم رصد زيادة غير مسبوقة في ميزانية الصحة والتعليم بلغت 21 مليار درهم إضافية، مع إحداث 27 ألف منصب جديد في القطاعين، تجسيداً لحق المغاربة في خدمات عمومية عادلة وذات جودة.

الأمن المائي… رهان استراتيجي
لم تغب قضية الماء عن هذه الرؤية الجديدة، إذ تم اعتماد مقاربة استباقية تضمن الأمن المائي للأجيال المقبلة، من خلال إصلاح شبكات التزويد، وتوسيع محطات المعالجة، وتشجيع الاقتصاد في الماء داخل المناطق الفلاحية، بما يحقق توازناً بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الموارد الطبيعية.

آليات تمويل حديثة لضمان الفعالية والشفافية
لضمان حكامة مالية متينة، تم إحداث حساب خاص بميزانية موحدة بقيمة 20 مليار درهم لتوحيد التمويلات وضمان تتبع شفاف للمشاريع. كما سيتم إطلاق منصات رقمية تتيح للمواطنين متابعة تقدم الأشغال في كل جهة، بما يعزز الثقة ويكرس مبدأ المساءلة والشفافية.

مغرب واحد… برؤية منصفة
إن ما يميز هذا التحول هو أنه ينهي مرحلة المغرب بسرعتين، ويؤسس لمرحلة جديدة عنوانها الإنصاف المجالي، وروحها رؤية ملكية تجعل من التنمية فعلاً مواطناً يشارك فيه الجميع. إنها ثورة هادئة تُبنى بثقة وتخطيط دقيق، لتجعل من العدالة الاجتماعية واقعاً ملموساً لا شعاراً ظرفياً.

وبدخول المغرب هذه المرحلة الجديدة من “برامج التنمية الترابية المتكاملة من الجيل الجديد”، يُرسخ نموذجاً وطنياً فريداً في إدارة التنمية، يقوم على القرب من المواطن، الشفافية، والإنصاف المجالي. إنها ليست مجرد مشاريع بنى تحتية، بل رؤية مجتمعية شاملة تؤمن بأن التنمية الحقيقية تُبنى مع المواطن لا من دونه.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 20 أكتوبر 2025
في نفس الركن