ويأتي هذا الإعلان في سياق متسارع من التحولات الإقليمية في حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث تتزايد الحاجة إلى مبادرات تعزز السلام والاستقرار، وتدعم التعايش بين مختلف الثقافات، وتكثف التعاون في المجالات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. ويؤكد المغرب من خلال هذه الخطوة التزامه بدوره الريادي في الدينامية المتوسطيّة، مع التركيز على تحويل المبادئ المعلنة إلى مشاريع ملموسة تخدم التنمية المستدامة، وتستجيب للتحديات المشتركة التي تواجه المنطقة.
ويضع “إعلان أثينا” أسس شراكة جديدة تقوم على قيم مشتركة تشمل السلام، والتعايش السلمي، وحماية البيئة، مع التزام واضح من جميع الأطراف بتحويل هذه القيم إلى سياسات عملية ومبادرات تنفيذية. ويهدف الإعلان إلى تعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية بين الضفتين، وتفعيل التعاون في مجالات البحث العلمي، والثقافة، والبنية التحتية، ومواجهة تحديات الهجرة والتغير المناخي، بما يعكس رؤية المغرب لتعزيز التكامل الإقليمي.
ويعد توقيع الإعلان خطوة استراتيجية تعزز موقع المغرب كفاعل رئيسي في المبادرات المتوسطيّة، وتؤكد أهمية دوره في دعم العمل الجماعي بين الدول المطلة على المتوسط. ويأتي هذا الحدث بعد سلسلة من المبادرات المغربية التي هدفت إلى تثبيت مكانة المملكة كقوة معتدلة وفاعل استراتيجي في المنطقة، مع الحرص على تعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة.
ويشير محللون إلى أن الإعلان يشكل نموذجًا للتعاون متعدد الأطراف يقوم على الحوار والمصالح المشتركة، بعيدًا عن التوترات الجيوسياسية التي تؤثر على المنطقة، ويعزز قدرة المغرب على لعب دور الوسيط بين مختلف الأطراف، بما يسهم في تحقيق تنمية شاملة ومتوازنة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. كما يُعد الإعلان بمثابة دعوة لدول المنطقة إلى تعزيز التعاون المشترك ومواجهة التحديات بمرونة واستباقية.
وبهذا التوقيع، تفتح أثينا صفحة جديدة في العمل المتوسطي المشترك، حيث يمكن للمغرب أن يواصل أداء دوره المحوري في تعزيز التقارب بين الضفتين المتوسطيتين، ودعم المبادرات التي تهدف إلى تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة، مع تعزيز أطر التعاون البيئي والثقافي، بما يجعل المنطقة أكثر استقرارًا وأمانًا لجميع شعوبها