آخر الأخبار

المغرب يردّ بقوة القانون: ملف “جيل Z” ليس ملفًا سياسيًا بل ملف مخربين


في الوقت الذي بدأ فيه الشارع المغربي يستعيد هدوءه وثقته في مؤسسات الدولة بعد أحداث احتجاجات «جيل Z»، تعود بعض الجهات الحقوقية الخارجية لتُحرّك المياه العكرة، محاولة تحويل ملف الموقوفين إلى قضية سياسية أو إنسانية. لكن الحقيقة واضحة: ما جرى لم يكن مظاهرة سلمية بل سلسلة من أعمال تخريب ونهب وحرق استهدفت الممتلكات العامة والخاصة وسيادة القانون.



شهدت الشهور الماضية مشاهد صادمة لم يألفها المجتمع المغربي في احتجاجاته التقليدية: مصارف وواجهات محلات محترقة، سيارات متضررة، ومراكز أمنية مُهاجمة. هذه الأعمال لم تكن تعبيرًا عن مطلب اجتماعي بقدر ما كانت انفلاتًا أمنياً واجتماعياً عبّر عن انحراف عن سلمية الاحتجاج. وعندما تدخلت السلطات، كان واجبها استعادة النظام وحماية المواطن والممتلكات، فتوالت الإجراءات القانونية بحق من ثبت تورطهم.

من الغريب أن تتحول القضية التي عالجتها المحاكم وفق القانون إلى منصة ترويجية من عواصم غربية. أصوات تنطق باسم «حقوق الإنسان» من باريس ولندن ونيويورك وهي في الواقع تُحاول استثمار الفوضى وإطالة أمد الأزمة. هذه الجهات، التي كثيرًا ما سعت لتأجيج صور معيبة عن المغرب، تسعى اليوم لركوب موجة لم تنشأ في إطار سلمية مطالب مشروعة، بل نتجت عن أعمال جرمية موثقة بالصوت والصورة والشهادات.

المجتمع المغربي لم يغلق أذنيه عن مطالب الشباب المشروعة؛ بل احتضن العديد من المطالب الاجتماعية والاقتصادية وأعطى حيزًا للحوار. لكن الحقائق أيضًا تُفرض: الاحتجاج السلمي يختلف جذريًا عن التخريب، والمطالبة لا تبرر الاعتداء أو السرقة أو الحرق. والعدالة في مثل هذه الحالات لا تُعاقب أفكارًا، بل تُحاسب أفعالًا جرمية أثبتتها معطيات ملموسة.

لا يجوز اختزال ملف المتهمين إلى سجالٍ سياسي أو تحويله إلى ساحة صراع بين الدولة ومنظمات خارجية. إن استقلالية القضاء وإجراءات المحاكمة التي اتبعت هنا تُظهر أن المسألة تتعلق بجريمة ونظام قانوني لا بسياسة. ومن يزعم غير ذلك يتجاهل تسجيلات الفيديو، وشهادات الضحايا، وتقارير الأضرار المادية والمعنوية التي خلّفتها تلك الأحداث.

التلاعب بخلفيات الشباب وتحويلهم إلى أدوات لأجندات خارجية ليست جديدة؛ بل هي إعادة تجسيد لسيناريوهات قديمة حاولت في مناسبات سابقة زعزعة الاستقرار. اليوم، بعد فشل محاولات إشعال الفتنة المادية، تتجه بعض الأطراف لإشعال الفتنة بالكلمات والتقارير المفبركة. المقاومة الوطنية لذلك الرفض واجب؛ فالمصلحة العامة وأمن المواطنين فوق كل اعتبار.

الرسالة التي ينبغي أن تصل واضحة وبسيطة: المغرب دولة مؤسسات وقانون. الحرية مكفولة، لكن المسؤولية ملزمة. مَن يريد التغيير الحقيقي فله طريق المؤسسات والآليات القانونية والسياسية والاجتماعية المشروعة، لا طريق العنف والتخريب الذي لا يجلب سوى الدمار وإيذاء الضعفاء.

جيل Z الحقيقي ليس من يلجأ إلى الحرق والنهب، بل من يعمل ويبدع ويبني مستقبل بلده في المدارس والورشات ومؤسسات العمل. أما من اختاروا طريق الفوضى فتعامل معهم القضاء بحزم لأنهم ارتكبوا أفعالًا أضرت بالناس والدولة على حد سواء.

ولا بد من فصل الكلام عن العمل: المطالب الاجتماعية تحتاج حوارًا وصراحة وإصلاحات مؤسسية، والأمن العام يحتاج قوانين تطبق بعدالة. المغرب، بظل مؤسساته وقوانينه، سيواصل حماية استقراره ولن يسمح أن يتحول إلى ساحة تجارب لأجندات خارجية أو داخلية تستثمر في الفوضى.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 23 أكتوبر 2025
في نفس الركن