وتربط هذه الأرقام المرموقة ببرامج تعليمية ثقافية متخصصة، أبرزها برنامج اللغة العربية والثقافة المغربية (PLACM)، الذي أُطلق في إطار اتفاق ثنائي بين المغرب وإسبانيا منذ ثمانينيات القرن الماضي، ويعكس حرص الرباط على تعزيز الهوية الثقافية للمغاربة في الخارج ونشر قيم التسامح والاندماج الإيجابي داخل المجتمع الإسباني.
ويعتمد البرنامج على تمويل كامل من الحكومة المغربية، التي تتولى أيضا اختيار وتعيين المدرسين المكلفين بتدريس المادة داخل المدارس الإسبانية، فيما يقتصر دور السلطات الإسبانية على توفير البنية التحتية التعليمية اللازمة، بما في ذلك الفصول الدراسية والمرافق التعليمية المناسبة. ويشمل المنهاج الدراسي دروسا في الثقافة المغربية، التربية الدينية الإسلامية، دراسة القرآن الكريم، والتعريف بالقيم الاجتماعية والأخلاقية للمغرب.
ولم يقتصر التعاون على الجانب الأكاديمي، بل امتد إلى تنظيم أنشطة ثقافية وتربوية تواكب المناسبات الوطنية المغربية، مثل ذكرى المسيرة الخضراء، وذلك في عدد من المراكز التعليمية، أبرزها مركز “نوسترا سينيورا ديل كارمن” بمنطقة مورسيا، ما يعكس الجهود المبذولة لترسيخ الانتماء الثقافي والتاريخي لدى الجيل الجديد من الطلاب المغاربة.
وأكدت صحيفة El Debate الإسبانية أن هذا التطور يعكس النجاح المستمر للسياسات المشتركة بين الرباط ومدريد، والتي تهدف إلى دعم التبادل الأكاديمي والثقافي، وتسهيل اندماج الجالية المغربية في المجتمع الإسباني، مع الحفاظ على هويتها الأصلية. كما يعكس ارتفاع أعداد الطلاب المغاربة اهتمام الأسر المغربية بأهمية التعليم المتوازن بين الجوانب الثقافية واللغوية والدينية، لضمان نمو جيل قادر على التفاعل الإيجابي مع المجتمع المضيف.
وتأتي هذه المعطيات في وقت يشهد فيه التعاون الإسباني المغربي في المجال التعليمي مزيدا من التوسع، سواء من حيث عدد المدارس التي تدرّس البرنامج، أو تنوع الأنشطة الثقافية والورشات التربوية المصاحبة، مما يعزز من مكانة المغرب كشريك استراتيجي في دعم التنمية الثقافية والتعليمية للجاليات المغربية في الخارج.
وتؤكد هذه التجربة نجاح نموذج الاندماج الإيجابي مع الحفاظ على الهوية، حيث تمكن الطلاب المغاربة من التكيف مع البيئة الإسبانية، دون التخلي عن جذورهم الثقافية والدينية، ما يشكل قاعدة صلبة لتعزيز الحوار الثقافي بين البلدين ودعم مشاريع التعاون المستقبلية في مختلف المجالات