اقتصاديات

المعادن تتجاوز مستويات تاريخية مع قرب نهاية العام


تشهد أسعار المعادن، سواء الثمينة أو الصناعية، مستويات تاريخية مع اقتراب نهاية العام، حيث استفادت معادن مثل الذهب والفضة والنحاس والألمنيوم من مجموعة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي عززت الطلب عليها وقلصت المعروض.



الذهب والفضة: ملاذات استثمارية في أوقات عدم الاستقرار

يُنظر إلى الذهب والفضة تقليديًا كملاذات آمنة، لكن التوترات العالمية الحالية أعادت تأكيد أهميتهما في استراتيجيات الاستثمار. فالصراعات الجيوسياسية، بدءًا من الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إلى النزاعات في أوكرانيا وغزة، فضلاً عن الضغوط الأمريكية على فنزويلا، جعلت المستثمرين يلجأون بشكل متزايد إلى هذه المعادن لحماية أصولهم.

كما أدت المخاوف بشأن الديون الكبيرة للدول الكبرى ومخاطر الإفراط في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي إلى تعزيز الطلب على المعادن الثمينة، إذ أصبح الاستثمار فيها يُنظر إليه كنوع من التأمين ضد المخاطر أكثر من كونه مجرد أداة مضاربة.

وساهمت تراجع قيمة الدولار الأمريكي وانخفاض عوائد السندات الأمريكية في تعزيز جاذبية الذهب والمعادن الصناعية. فمع التوتر السياسي في الولايات المتحدة وتوقع خفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، ارتفع الذهب بأكثر من 70% منذ بداية العام، متجاوزًا لأول مرة 4,500 دولار للأونصة، فيما بلغ سعر الفضة أكثر من 72 دولارًا للأونصة.

وشهدت المعادن الصناعية ارتفاعًا ملحوظًا بفضل الانتعاش الصناعي المدفوع بالذكاء الاصطناعي والتحول نحو الطاقة النظيفة. فالنحاس، المستخدم في الألواح الشمسية والرياح والبطاريات ومراكز البيانات، تجاوز سعره 12,000 دولار للطن، مدعومًا بإجراءات صينية لتحفيز الاستهلاك الداخلي. كما استفاد الألمنيوم والفضة والبلاتين والبلاديوم من هذه الديناميات، خصوصًا مع استمرار أوروبا في السماح ببيع السيارات الحرارية الجديدة بعد 2035، ما زاد الطلب على المعادن المستخدمة في المحولات والحفازات.

وتستمر القيود على المعروض في دعم ارتفاع الأسعار، إذ أدت المخاوف من فرض رسوم جمركية أمريكية على النحاس إلى قيام الشركات بتخزين المعادن، بالإضافة إلى مخاطر تعطيل الإنتاج في دول منتجة رئيسية مثل الكونغو وشيلي وإندونيسيا. كما يظل سوق الفضة والبلاتين والألمنيوم تحت ضغوط مستمرة، فيما يزيد موسم الأعياد من تقلب الأسعار بسبب انخفاض أحجام التداول، وفق خبراء من Saxo Bank.

ختامًا، يظهر سوق المعادن في هذه المرحلة تأثره بتشابك عوامل متعددة: من التوترات الجيوسياسية والطلب الصناعي المتزايد، إلى ضعف الدولار والقيود على العرض، ما يجعل هذه الفترة استثنائية للمستثمرين الراغبين في الاستفادة من تحركات الأسعار التاريخية.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 25 دجنبر 2025
في نفس الركن