آخر الأخبار

المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية: نحو إعادة النظر في دوره وتركيبته بعد عقدين من التحيين


مرّ ما يقارب عقديْن على إعادة هيكلة المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية في نسخته الثانية من لدن الملك محمد السادس، الذي دعا في خطاب سنة 2006 بمدينة العيون إلى جعل المجلس مؤسسة فاعلة في تنمية الأقاليم الجنوبية وآلية ناجعة في تعبئة المواطنين وتأطيرهم، وكذا قوة اقتراحية منبعثة من عبقرية أبناء الصحراء الأشاوس.



ويأتي النقاش مجددًا حول موقع المجلس الاستشاري ودوره في مواكبة التحولات السياسية والدبلوماسية المتعلقة بالوحدة الترابية للمملكة المغربية، خاصة في سياق تنفيذ خطة الحكم الذاتي المعتمدة وفق القرار 2797 لمجلس الأمن حول الصحراء المغربية.

وفق الظهير رقم 1.06.81، يمارس المجلس مجموعة من الصلاحيات، أبرزها رفع اقتراحات إلى الملك حول المبادرات والمشاريع والتدابير التي تتعلق بعودة واندماج المواطنين في الأقاليم الجنوبية، والدفاع عن الوحدة الترابية، وتقوية التضامن الوطني داخل هذه الأقاليم وبقية جهات المملكة.

أدوار تاريخية ودينامية المجلس
يُشير محمد الغيث ماء العينين، نائب رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، إلى أن المجلس عرف تراجعًا جزئيًا بعد 1991، مع انطلاق مخطط التسوية الأممية ومسلسل تحديد الهوية، لصالح مؤسسات الشيوخ والقبائل. ومع خطاب الملك سنة 2005 وتجديد تركيبة المجلس سنة 2006، استعاد المجلس نشاطه وساهم في إثراء النقاش والمفاوضات حول قضية الصحراء والحكم الذاتي، بما في ذلك المشاركة في مفاوضات “مانهاست” الأولى والثانية.

إلا أن التطورات السياسية والدستورية منذ سنة 2011، بما فيها خيار الجهوية الموسعة والديمقراطية التشاركية، أعادت التركيز على المنتخبين في الأقاليم الجنوبية، ليصبح المجلس الملكي الاستشاري أقل نشاطًا مقارنة بما كان عليه سابقًا.

ويؤكد ماء العينين أن المجلس بحاجة اليوم إلى إعادة النظر في تركيبته ومهامه بعد مرور حوالي عقدين، مع الأخذ بعين الاعتبار ظهور نخب جديدة في الصحراء، واستبدال الأعضاء الذين لم يعودوا قادرين على ممارسة أدوارهم بشكل فعال.

المجلس طرف محتمل في المفاوضات
من جانبه، يرى الباحث أحمد نور الدين أن الحديث عن دور المجلس يجب أن يرتبط بمشاركته في طاولة المفاوضات الدولية حول الصحراء المغربية، وذلك انسجامًا مع قرارات مجلس الأمن التي تؤكد الحل تحت السيادة المغربية، مع توسيع قاعدة الأطراف المشاركة بما يشمل المنتخبين، رؤساء الجهات والجماعات، وأعضاء المجلس الملكي الاستشاري.

كما دعا نور الدين إلى إشراك حركات منشقة عن تنظيم “البوليساريو” وعود العائدين إلى المغرب ضمن هذا المسار التفاوضي، لضمان تمثيل شامل ومتوازن للسكان المحليين بعيدًا عن احتكار أي طرف للحديث باسم ساكنة الصحراء.

ويبقى المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية هيئة استشارية محورية في مسلسل دعم الوحدة الترابية للمملكة، لكنه يحتاج اليوم إلى تحديث مهامه وتركيبته لتتوافق مع المستجدات الدستورية والسياسية، ولتوسيع مشاركة الأطراف المحلية في صنع القرار، بما يضمن فعالية أكبر في دعم الحلول السلمية والسيادية لقضية الصحراء المغربية.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 13 نونبر 2025
في نفس الركن