آخر الأخبار

المجلس الاقتصادي:اختلالات بنيوية تهدد نمو المقاولات الصغيرة جداً والصغرى في المغرب


كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقرير حديث، عن اختلالات بنيوية تعيق فعالية البرامج العمومية الموجهة لدعم المقاولات متناهية الصغر والصغيرة جداً والصغرى، وعلى رأسها برنامجا “انطلاقة” و“فرصة”. وأكد التقرير أن هذه المبادرات، رغم أهميتها، ما تزال بعيدة عن تلبية الاحتياجات الحقيقية لحاملي المشاريع والمقاولين بالمغرب.



وبحسب المعطيات الواردة في التقرير، موّل برنامج “فرصة” نحو 10.000 مشروع في نسخته الأولى و11.200 مشروع في نسخته الثانية، في حين دعم برنامج “استثمار” ما مجموعه 887 مشروعاً بين 2019 و2022. كما استفادت 5055 مقاولة صغيرة ومتوسطة من برامج المواكبة التقنية مثل “مواكبة”، “نواة”، “تطوير نمو أخضر” و“إنماء”. أما برنامج “انطلاقة” فقد بلغ عدد المستفيدين منه 32 ألف مقاول حتى غشت 2024.

ورغم هذا الزخم، يؤكد التقرير أن الطلب الفعلي على الدعم ما يزال يفوق بكثير العرض المتاح؛ إذ يُقدَّر عدد من يحتاجون إلى المواكبة بحوالي 1.7 مليون مقاول قائم و2.7 مليون مقاول محتمل، فيما يحتاج 2.3 مليون مقاول حالي و4 ملايين مقاول محتمل إلى التمويل، ما يبرز الفجوة الكبيرة بين الإمكانيات العمومية ومتطلبات النسيج المقاولاتي.

ويعزو المجلس هذا النقص إلى محدودية الموارد البشرية والمالية داخل المؤسسات المعنية بالدعم، من بينها الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، التي تعاني—وفق التقرير—من خصاص واضح في الموارد البشرية داخل برنامج “أنا مقاول”، ما يحد من قدرتها على مواكبة الطلب المتزايد.

كما سجّل التقرير غياب تقييم منتظم وفعّال لنتائج البرامج المعتمدة، مؤكداً أن التتبع المرحلي للمشاريع يعد وسيلة أساسية لاستباق الصعوبات وإعادة تكييف السياسات بما يضمن أثرها الحقيقي واستدامة المقاولات المستهدفة. وتزداد أهمية هذا التقييم في ظل التعديلات الضريبية الجديدة المفروضة على نظام المقاول الذاتي وما قد يترتب عنها من تداعيات.
وأشار المجلس أيضاً إلى غياب التنسيق بين البرامج العمومية المتتالية، ما أدى إلى تركيز الدعم على الجانب المالي وإهمال المواكبة، وهو ما انعكس في ارتفاع نسب رفض طلبات التمويل وضعف لجوء المقاولات الصغيرة جداً إلى القروض البنكية، أحياناً بسبب “الرقابة الذاتية” لدى المقاولين الذين يتوقعون مسبقاً رفض ملفاتهم.

كما لفت التقرير إلى ضعف تمثيلية المقاولات الصغيرة جداً والصغرى، بما فيها الحرفيون والتجار والمقاولون الذاتيون، داخل أجهزة التشاور بين الدولة والقطاع الخاص، ما يقلل من قدرتها على إيصال صوتها والمساهمة في تشكيل السياسات العمومية، ويضعف ثقتها في مسارات الإصلاح.

وخَلُص التقرير إلى أن تطوير النسيج المقاولاتي المغربي يتطلب مقاربة شمولية لا تقتصر على التمويل، بل تشمل المواكبة المستمرة، والتحسين المؤسساتي، والتقييم الدائم، وضمان تمثيلية حقيقية لهذه الفئة داخل آليات الحوار، بما يعزز فعالية البرامج العمومية ودورها في دعم النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل.




الأربعاء 19 نونبر 2025
في نفس الركن