البرنامج يهمّ حوالي 50.000 مربٍّ من زبائن القرض الفلاحي، وسيوفّر لهم تسهيلات مالية تشمل قروضًا موجهة بشروط مرنة، إلى جانب إعادة جدولة ديونهم لتتناسب مع هشاشة أوضاعهم ومحدودية إمكانياتهم. هذه المبادرة تعكس تحولًا في منهجية الدعم الفلاحي، حيث يتم التركيز على المواكبة المالية المباشرة وتوفير حلول مرنة بدل الاقتصار على المساعدات الظرفية أو الموسمية.
كما صادق المجلس على برنامج عمل جديد للمجموعة للفترة المقبلة، والذي يندرج ضمن اتفاقية ثلاثية موقعة بين الدولة والبنك والوكالة الوطنية لتدبير مساهمات الدولة وتتبع أداء المؤسسات العمومية. وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز متانة البنك واستدامته المالية، مع ضمان استمراريته في أداء أدواره التنموية داخل المناطق القروية، خاصة في ظل تصاعد التحديات المناخية وتأثيرها المباشر على النشاط الفلاحي.
البلاغ الرسمي الصادر عقب الاجتماع أشار إلى أن الأداء المالي للمجموعة خلال سنة 2024 كان إيجابيًا، حيث بلغ الناتج البنكي الصافي 4.5 مليار درهم، محققًا نموًا ملحوظًا بنسبة 28% على المستوى الموطد، و32% على المستوى الاجتماعي. هذا التحسن المالي منح المؤسسة هامشًا إضافيًا للانخراط في برامج اجتماعية موجهة، وعلى رأسها تمويل أنشطة الفلاحين المتضررين من تقلبات المناخ.
ويأتي البرنامج الجديد في سياق يتسم بتزايد الضغط على سلاسل التوريد الغذائية، وتدهور قدرة صغار المربين على الصمود أمام ندرة المياه وارتفاع كلفة العلف، ما يجعل من هذا التدخل المالي أداة ضرورية لتفادي انهيار المنظومة الإنتاجية الحيوانية. كما يراهن المخطط على تعزيز الشروط اللازمة لاستدامة نشاط المربين، وضمان الحد الأدنى من التوازن داخل الأسواق المحلية.
من جهة أخرى، تُبرز المؤشرات المعلنة أن مجموعة القرض الفلاحي تسير في اتجاه تحويل أدائها المالي إلى رافعة تنموية حقيقية، من خلال تمويل مشاريع ذات أثر اجتماعي واقتصادي مباشر، وفي مقدمتها إعادة هيكلة سلاسل الإنتاج الحيواني ودعم الاستقرار الاقتصادي داخل العالم القروي.
الرهان اليوم لا يقتصر فقط على تأمين رؤوس الأموال، بل يمتد إلى ضمان استدامة النشاط الفلاحي، وتعزيز قدرة المربين على الإنتاج والاستثمار، وسط متغيرات بيئية واقتصادية تتطلب تدخلًا سريعًا وفعالًا. وإذا كان الجفاف قد كشف عن هشاشة المنظومة التقليدية لتربية الماشية، فإن هذا البرنامج يشكّل أولى الخطوات نحو إعادة بناء منظومة أكثر صلابة ومرونة