أسرتنا

العلاقات بعد الحب: كيف يعيد الجيل الجديد تعريف الروابط العاطفية بعد الانفصال


في السنوات الأخيرة، ظهر مفهوم جديد في علم النفس الاجتماعي وعلم السلوك العاطفي، يُعرف بـ “Post Love Relationship” أو العلاقة بعد الحب، الذي يشير إلى استمرار الروابط بين الشركاء السابقين بعد انتهاء العلاقة الرومانسية. هذا النمط من العلاقات، الذي كان يُنظر إليه سابقًا كظاهرة غريبة أو منطقة رمادية عاطفية، أصبح اليوم أكثر شيوعًا بين جيل Gen Z وMillennials، معتبراً انعكاسًا للتغيرات الثقافية والاجتماعية في فهم الحب والارتباط العاطفي.



وتشير الدراسات إلى أن العلاقات بعد الحب تتميز بقدرتها على التحول والتكيف، حيث لا تنتهي الروابط بانتهاء العلاقة الرومانسية، بل قد تتخذ أشكالاً جديدة، سواء كصداقات، أو تعاون مهني، أو حتى تبادل دعم عاطفي محدود. هذه الظاهرة تؤكد أن الانفصال لم يعد يُفهم بالضرورة كقطع نهائي للعلاقة، بل كمرحلة انتقالية في ديناميكيات العاطفة والارتباط.

ومن منظور علم النفس التطوري والاجتماعي، يميل البشر إلى التمسك بالروابط الاجتماعية التي أثرت فيهم عاطفياً، حتى بعد انتهاء العلاقة الرومانسية، لما لذلك من دور في الدعم النفسي، والذاكرة العاطفية، والحفاظ على شبكة العلاقات الاجتماعية. كما أن هذا النمط من العلاقات يعكس تحولاً ثقافياً في تصور الخصوصية، الحميمية، وتوقعات الحب؛ إذ لم تعد العلاقات تُقاس فقط بالزواج أو الالتزام الرومانسي، بل بالقدرة على الحفاظ على تواصل صحي ومستدام مع من أحببناهم سابقًا.

ويشيرون الباحثون في علم النفس السلوكي أيضًا إلى أن هذه العلاقات قد تسهم في تطوير الذكاء العاطفي، من خلال تعلم كيفية إدارة الحدود، التعاطف، والتكيف مع التغيرات العاطفية دون الشعور بالخسارة أو الاستياء الدائم. كما يمكن أن توفر تجربة التعاطف مع الشريك السابق فرصة لفهم الذات، وتحسين العلاقات المستقبلية، إذ يُتاح للفرد تقييم الأخطاء السابقة وتعديل السلوكيات العاطفية.

باختصار، علاقات ما بعد الحب ليست مجرد استمرار عاطفي أو اضطراب نفسي كما كان يُعتقد سابقًا، بل هي ظاهرة اجتماعية ونفسية معقدة تعكس التحولات الثقافية في مفهوم الحب والارتباط لدى الجيل الجديد. هذا التطور يشير إلى أننا أمام نموذج معاصر للعلاقات الرومانسية، قائم على المرونة العاطفية، إعادة تعريف الانفصال، والتواصل المستمر بطريقة صحية، بعيداً عن القوالب التقليدية التي كانت تحدد نهاية العلاقة بانفصالها.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 1 دجنبر 2025
في نفس الركن