الطفل محمد، الذي كان يشتغل راعيًا للأغنام في منطقة جبلية معزولة تحت ظروف معيشية قاسية، تحوّل في أيام قليلة إلى رمز لطفولة منسية، ضحية للفقر والتهميش وانعدام أبسط شروط الحماية. غيابه المفاجئ عن منزل مشغّله، وعودة القطيع دونه، دفعا أسرته إلى البحث عنه ليجدوه مشنوقًا قرب مجرى مائي. التفاصيل الأولى التي تم تداولها محليًا أثارت الريبة منذ البداية، لتفتح الباب أمام تساؤلات ثقيلة لا تزال دون أجوبة.
الصدمة التي خلفتها هذه المأساة دفعت مكونات حقوقية بارزة إلى التدخل. فقد أصدر المركز المغربي لحقوق الإنسان بيانًا مؤثرًا وصف فيه الحادث بأنه "يُهين الضمير الإنساني"، مطالبًا بفتح تحقيق قضائي عاجل ومحايد للكشف عن ظروف الوفاة، مع التأكيد على أن "فرضية الانتحار غير مقنعة" في ظل شهادات العائلة وسكان المنطقة، لا سيما والدة الطفل التي عبّرت في تصريح مؤلم عن شكوكها في تعرض ابنها للقتل.
البيان ذاته أشار إلى أن تشغيل الطفل محمد في سن الخامسة عشرة، وفي ظروف غير قانونية، يمثل انتهاكًا صارخًا للدستور المغربي ولالتزامات المملكة الدولية، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب سنة 1993، واتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقم 138 و182 المتعلقتين بعمالة الأطفال. وأضاف المركز أن هذه القضية تسلط الضوء على الواقع القاسي الذي يعيشه مئات الأطفال في القرى والمناطق الجبلية، بعيدًا عن أعين الدولة ومؤسسات الرقابة.
بدورها، دخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على الخط، إذ أصدر فرعها ببومية بيانًا حاد اللهجة عقب اجتماع استثنائي خُصص لمتابعة تطورات الملف. البيان اعتبر أن "غياب أي توضيح رسمي من النيابة العامة بعد مرور أكثر من أسبوعين من الوفاة ساهم في تضارب الروايات وانتشار الإشاعات"، مشددًا على أن "فرضية الانتحار غير مقنعة"، ومتهما جهات معينة بـ"محاولة طمس معالم الحقيقة والتستر على الجريمة"