ورغم هذا الأداء القوي، فإن الطلب الإسباني على الطماطم المغربية يتأثر بعوامل موسمية واضحة، إذ يشهد تذبذبًا مرتبطًا بتقلبات الإنتاج المحلي الإسباني وبالظروف المناخية التي تحدد حجم العرض والأسعار في السوق. فعندما تتراجع القدرة الإنتاجية في مناطق مثل الأندلس ومورسيا، يرتفع الطلب على الطماطم القادمة من المغرب، ما يؤدي إلى صعود الأسعار إلى مستويات تنافسية، بينما تنخفض الأسعار بشكل ملحوظ عند تحسن الإنتاج المحلي الإسباني خلال الفصول الدافئة.
ووفق المعطيات ذاتها، فإن أسعار الطماطم المغربية سجلت ذروتها خلال أشهر معينة من السنة لتبلغ 1.9 يورو للكيلوغرام، وهي فترة تتزامن عادة مع انخفاض الإنتاج المحلي الإسباني. أما في فترات وفرة المحاصيل داخل إسبانيا، خاصة في الجنوب، فإن الأسعار تتراجع بسبب المنافسة القوية التي تشهدها الأسواق الداخلية. هذا التباين يعكس دينامية معقدة بين العرض والطلب ويؤكد أن الطماطم المغربية أصبحت جزءًا أساسياً من التوازن الغذائي الإسباني في فترات معينة من السنة.
وتبرز مقاطعة ألميريا كأكبر وجهة إسبانية تستورد الطماطم المغربية، إذ استقبلت خلال الفترة المذكورة ما يقارب 42.59 مليون كيلوغرام، بقيمة مالية بلغت حوالي 55.4 مليون يورو، وبسعر متوسط قدره 1.30 يورو للكيلوغرام. وتعتبر ألميريا مركزًا مهمًا للزراعة الإسبانية، لكنها تعتمد على الواردات المغربية لتغطية الطلب الداخلي خلال الفترات التي يتراجع فيها الإنتاج المحلي بسبب العوامل المناخية أو ارتفاع كلفة الإنتاج.
في المرتبة الثانية جاءت مقاطعة غرناطة التي استوردت حوالي 9.62 ملايين كيلوغرام من الطماطم المغربية، بقيمة مالية قاربت 13.05 ملايين يورو، تلتها منطقة مورسيا التي استوردت بدورها 10.24 ملايين كيلوغرام بقيمة 10.5 ملايين يورو. هذه الأرقام تعكس انتشار الطماطم المغربية في مختلف الأسواق الإسبانية، خصوصًا تلك القريبة من الجنوب، حيث تسهّل القرب الجغرافي وسرعة النقل الحفاظ على جودة المنتوج.
وتؤكد هذه الأرقام أن المغرب يواصل ترسيخ موقعه كأحد الموردين الرئيسيين للطماطم في أوروبا، مستفيدًا من مناخ ملائم للإنتاج الزراعي على مدار السنة ومن بنية تصديرية متطورة تربط المزارع المغربية مباشرة بالأسواق الأوروبية. غير أن هذا النجاح يطرح أيضًا تحديات مرتبطة بضرورة الحفاظ على جودة المنتوج وتوسيع أسواق التصدير لتقليص الاعتماد المفرط على السوق الإسبانية، التي تظل بدورها عرضة لتقلبات سياسية وتجارية ومناخية قد تؤثر على استقرار الطلب