بقلم: فؤاد يعقوبي، دارس لعلم النفس الاجتماعي في السياق المغربي
من منظور علم النفس الاجتماعي، يفهم هذا الخطاب في ضوء ما يسمى بالاستراتيجية الدفاعية لإعادة الاعتبار الذاتي. حينما يشكل الطلاق تهديدا لهوية الفرد الاجتماعية أو الشعور بالكفاءة الشخصية، يميل الأفراد نساء ورجالا إلى إعادة بناء روايتهم الذاتية بصورة تمكنهم من الحفاظ على صورتهم أمام الذات والآخر، وغالبا ما تكون هذه الصورة قائمة على المظلومية والخذلان. غير أن هذا النمط من التفكير، وإن كان طبيعيا في المراحل الأولى لما بعد الانفصال، قد يتحول إلى عائق أمام النضج العاطفي وإعادة بناء الذات على أسس أكثر نضجا وواقعية.
في السياق المغربي، حيث يحمل الزواج الناجح رمزية اجتماعية كبيرة، وحيث تعتبر المرأة المطلقة خصوصا موضوعا للتقييم والوصم، يتعزز هذا الخطاب الدفاعي. فالمرأة قد تجد نفسها مضطرة لإبراز أنها ضحية رجل ظالم، والرجل يسعى بدوره لتثبيت سردية عن زوجة غير صالحة، أو ناكرة للجميل، في محاولة للهرب من مسؤولية الفشل أو من نظرة المجتمع المدانة.
غير أن المفارقة تكمن في أن كثيرا من المطلقين والمطلقات، بعد مرور فترة من الزمن، يعاودون البحث عن شريك جديد لإعادة تجربة الزواج، في ظل غياب مراجعة حقيقية للتجربة السابقة. فيعاد إنتاج نفس الأخطاء ونفس أنماط التفاعل، لأن البنية النفسية الاجتماعية لم تتغير، بل تم فقط استبدال الشريك دون إعادة النظر في الذات. هنا تبرز أهمية الاعتراف بالمسؤولية الذاتية، ليس بوصفه نوعا من جلد الذات، بل كخطوة ضرورية نحو النضج وإعادة التوازن الداخلي.
ومن هذا المنطلق، يمكن طرح تساؤل مشروع: لماذا لا يتحول الطلاق، في بعض الحالات، إلى فرصة لإصلاح العلاقة نفسها، لا لتبديلها؟
لماذا لا يعيد بعض المطلقين والمطلقات، ممن لم يدخلوا بعد في زواج جديد التفكير في أسباب الانفصال بنوع من الصراحة والوعي، وتقييم إمكانية إعادة بناء العلاقة على أسس جديدة؟
إن الإقرار المتبادل بالأخطاء، والتواصل الناضج، والاعتراف بأن الفشل كان مشتركا، قد يمثل جسرا نحو مصالحة عاطفية أكثر نضجا وعمقا من البداية الأولى، شريطة ألا يكون الانفصال ناتجا عن خيانة أو عن ممارسات تنطوي على قلة احترام أو عنف نفسي يصعب تجاوزه أو نسيانه.
إن إصلاح العلاقة لا يمكن أن يتم إلا في ظل وجود حد أدنى من الثقة، والكرامة، والاستعداد الحقيقي للانخراط في تجربة أكثر وعيا ونضجا.
كما أن الطلاق، وإن كان أحيانا حلا ضروريا، لا ينبغي أن يتحول إلى آلية للهرب من الذات أو لتغذية خطاب يقصي المسؤولية الشخصية... في كثير من الحالات لا تكون استعادة التوازن النفسي بعد الانفصال رهينة بتجربة زواج جديدة، بل بمواجهة صادقة مع الذات، والاعتراف الصريح بالأخطاء التي ساهمت في تفكك العلاقة. ومن هذا المنطلق، لا يبدو غريبا أن يطرح خيار إعادة بناء العلاقة مع الشريك السابق في حال لم يرتبط الطرفان مجددا، خاصة إذا توفرت الإرادة المتبادلة، والنضج الكافي، والقدرة على إصلاح ما كان مكسورا. فالاعتراف لا يضعف الإنسان، بل يحرره. وما يعتبره المجتمع فشلا في التفكير الجمعي، قد يكون في بعض الأحيان بداية وعي جديد يعيد صياغة العلاقة على أسس أكثر إنصافا وتواصلا.
في السياق المغربي، حيث يحمل الزواج الناجح رمزية اجتماعية كبيرة، وحيث تعتبر المرأة المطلقة خصوصا موضوعا للتقييم والوصم، يتعزز هذا الخطاب الدفاعي. فالمرأة قد تجد نفسها مضطرة لإبراز أنها ضحية رجل ظالم، والرجل يسعى بدوره لتثبيت سردية عن زوجة غير صالحة، أو ناكرة للجميل، في محاولة للهرب من مسؤولية الفشل أو من نظرة المجتمع المدانة.
غير أن المفارقة تكمن في أن كثيرا من المطلقين والمطلقات، بعد مرور فترة من الزمن، يعاودون البحث عن شريك جديد لإعادة تجربة الزواج، في ظل غياب مراجعة حقيقية للتجربة السابقة. فيعاد إنتاج نفس الأخطاء ونفس أنماط التفاعل، لأن البنية النفسية الاجتماعية لم تتغير، بل تم فقط استبدال الشريك دون إعادة النظر في الذات. هنا تبرز أهمية الاعتراف بالمسؤولية الذاتية، ليس بوصفه نوعا من جلد الذات، بل كخطوة ضرورية نحو النضج وإعادة التوازن الداخلي.
ومن هذا المنطلق، يمكن طرح تساؤل مشروع: لماذا لا يتحول الطلاق، في بعض الحالات، إلى فرصة لإصلاح العلاقة نفسها، لا لتبديلها؟
لماذا لا يعيد بعض المطلقين والمطلقات، ممن لم يدخلوا بعد في زواج جديد التفكير في أسباب الانفصال بنوع من الصراحة والوعي، وتقييم إمكانية إعادة بناء العلاقة على أسس جديدة؟
إن الإقرار المتبادل بالأخطاء، والتواصل الناضج، والاعتراف بأن الفشل كان مشتركا، قد يمثل جسرا نحو مصالحة عاطفية أكثر نضجا وعمقا من البداية الأولى، شريطة ألا يكون الانفصال ناتجا عن خيانة أو عن ممارسات تنطوي على قلة احترام أو عنف نفسي يصعب تجاوزه أو نسيانه.
إن إصلاح العلاقة لا يمكن أن يتم إلا في ظل وجود حد أدنى من الثقة، والكرامة، والاستعداد الحقيقي للانخراط في تجربة أكثر وعيا ونضجا.
كما أن الطلاق، وإن كان أحيانا حلا ضروريا، لا ينبغي أن يتحول إلى آلية للهرب من الذات أو لتغذية خطاب يقصي المسؤولية الشخصية... في كثير من الحالات لا تكون استعادة التوازن النفسي بعد الانفصال رهينة بتجربة زواج جديدة، بل بمواجهة صادقة مع الذات، والاعتراف الصريح بالأخطاء التي ساهمت في تفكك العلاقة. ومن هذا المنطلق، لا يبدو غريبا أن يطرح خيار إعادة بناء العلاقة مع الشريك السابق في حال لم يرتبط الطرفان مجددا، خاصة إذا توفرت الإرادة المتبادلة، والنضج الكافي، والقدرة على إصلاح ما كان مكسورا. فالاعتراف لا يضعف الإنسان، بل يحرره. وما يعتبره المجتمع فشلا في التفكير الجمعي، قد يكون في بعض الأحيان بداية وعي جديد يعيد صياغة العلاقة على أسس أكثر إنصافا وتواصلا.