أسرتنا

"الطلاق الصامت" : حين يصبح الأزواج غرباء تحت سقف واحد


يعد الطلاق الصامت أحد أشكال التفكك الأسري التي بدأت تثير القلق بين المختصين وعامة الناس على حد سواء، إذ لا يرتبط بالانفصال القانوني أو الإعلان الرسمي عن نهاية الزواج، بل يتميز بالانسحاب العاطفي والنفسي داخل البيت نفسه. يعيش الزوجان معًا، ولكن من دون تواصل حقيقي، أو مشاركة مشاعر، أو اهتمام متبادل، ما يؤدي إلى شعور كلا الطرفين بالوحدة والانفصال العاطفي رغم وجود الجدران المشتركة للمنزل



يمثل هذا النوع من الطلاق تحديًا أكبر من الطلاق التقليدي، لأنه غالبًا ما يمر دون أن يلاحظه المحيطون، مما يضاعف آثار الوحدة والاضطرابات النفسية. ويشير خبراء العلاقات الأسرية إلى أن الأسباب الرئيسية للطلاق الصامت ترتبط بسوء التواصل، الإجهاد النفسي والعملي، التفاوت في القيم والتطلعات، وأحيانًا تراكم الخلافات الصغيرة التي لم يتم حلها بطرق بناءة.
 

في العديد من الحالات، يبدأ الطلاق الصامت بتجاهل الزوج أو الزوجة لبعضهما البعض، مرورًا بالحد من الحوار اليومي، وانخفاض مستوى الحميمية، إلى أن يصل الوضع إلى قطيعة شبه كاملة داخل المنزل. هذا الانسحاب النفسي لا يقتصر على البالغين فقط، بل يترك تأثيراته السلبية على الأطفال، الذين قد يشعرون بالارتباك، القلق، وربما يحملون مشاعر لوم تجاه أحد الوالدين أو كلاهما، ما يؤثر على نموهم النفسي والاجتماعي.
 

تؤكد الدراسات الاجتماعية أن الطلاق الصامت غالبًا ما يكون أصعب من الطلاق القانوني، لأنه يترك المجال للشعور بالعجز وعدم القدرة على مواجهة الواقع العاطفي. ويضيف خبراء علم النفس أن الأزواج الذين يعيشون هذا النوع من الانفصال يحتاجون إلى وعي كامل بمخاطر الصمت العاطفي، إذ يمكن أن يتطور إلى استسلام كامل، فتضيع فرص المصالحة أو تحسين العلاقة.
 

ومع ذلك، يمكن مواجهة الطلاق الصامت عبر استراتيجيات عملية، أبرزها تحسين التواصل بين الزوجين، إيجاد وقت يومي للحديث عن المشاعر والأفكار، اللجوء إلى جلسات الاستشارة الزوجية، وممارسة الأنشطة المشتركة التي تعزز الروابط العاطفية. كما يمكن للتفاهم والاحترام المتبادل أن يخففا من أثر التجاهل النفسي، وإعادة إشعال شرارة العلاقة تدريجيًا، قبل أن تتفاقم الخلافات.
 

يبقى الطلاق الصامت رسالة واضحة عن أن مجرد التواجد الجسدي في نفس المنزل لا يكفي للحفاظ على العلاقة الزوجية. فالزواج الناجح يحتاج إلى حضور عاطفي دائم، اهتمام متبادل، وتواصل فعّال يضمن أن يشعر كلا الطرفين بالحب والأمان. وفي عصر تتسارع فيه وتيرة الحياة وتزداد الضغوط العملية والأسرية، يبرز الطلاق الصامت كإنذار صامت لكل زوجين بأن التوازن بين الالتزامات اليومية والاهتمام بالعلاقة العاطفية أمر ضروري للحفاظ على الأسرة.
 


طلاق صامت، حياة زوجية، خلافات زوجية، التواصل بين الزوجين، العيش المشترك، الأزواج الغرباء


عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الأربعاء 8 أكتوبر 2025
في نفس الركن