إدمان الشاشات والملل المميت
الإجازات الصيفية الطويلة كانت تقليديًا فرصة للراحة واستعادة النشاط الذهني والجسدي، عبر التعرض للشمس، ممارسة الرياضة، وتطوير مهارات حل المشكلات. لكن مع انتشار الأجهزة الذكية والولوج المستمر للإنترنت والألعاب، أصبح الصيف محفوفًا بـ"تعفن الدماغ". إحصاءات حديثة تشير إلى أن الأطفال بين 8 و18 عامًا يقضون ما معدله 7 ساعات و38 دقيقة يوميًا أمام الشاشات، وبعضهم يتجاوز 10 ساعات و45 دقيقة عند الجمع بين الأجهزة المختلفة. هذا الاستخدام المفرط للشاشات يحرم الأطفال من الملل المنتج الذي يفتح أبواب الإبداع، ويترك أثرًا سلبيًا على التركيز والتعلم.
العواقب النفسية والسلوكية
الخبراء يصفون هذه الظاهرة بـ"تعفن الدماغ"، حيث تظهر آثارها على الانتباه، التحكم بالسلوك، والعلاقات الاجتماعية. الأطفال يصبحون أكثر غضبًا عند حرمانهم من الأجهزة، وتزداد صعوبة التفاعل مع المعلمين أو حتى الوالدين. كما ترتبط ساعات الشاشة الطويلة بتراجع مهارات القراءة والكتابة لدى الأطفال، وضعف المعالجة البصرية والسمعية، إلى جانب نمو سلوكيات عدوانية عند بعضهم.
المعاناة الثلاثية: الطالب، المعلم، وولي الأمر
المعاناة لا تقف عند الطالب فقط. الأهل والمعلمون يواجهون صعوبات يومية في إدارة الروتين الدراسي. تقول دينا عبد الفتاح، أم لثلاثة أطفال من مصر: "الدوامة تبدأ من المدرسة وتمتد للمنزل. الهاتف المسموح به يتحول لساعات من الاستخدام، وكل منع يصاحبه صراخ واعتراض". وفي الولايات المتحدة، تشارك إيما، أم ومعلمة، أن الطلاب لا يحتملون الملل، وعقولهم غائبة عن الحصص، ما يجعل التعليم باهتًا ومملًا في نظرهم.
كيف نعيد التركيز والاعتدال؟
الباحثون يشددون على وضع حدود صارمة لاستخدام الشاشات، واعتماد الرقابة الأبوية الذكية، وزيادة الأنشطة البديلة التي تنمي التفكير والقدرات الاجتماعية. المختصة النفسية دعاء السماني تؤكد أن استعادة التركيز ممكنة خلال أسبوع إلى أسبوعين من التوقف التدريجي عن متابعة مقاطع الفيديو، شرط التحضير المسبق للعودة إلى الدروس ومتابعة الروتين الجديد بصبر وحزم. كما يُنصح بزيادة الوقت المشترك بين الآباء والأبناء لتعويض ساعات الانشغال بالشاشات.