أخبار بلا حدود

السفير الفرنسي السابق يفجّر جدلاً جديداً: قراءة في تشبيه النظام الجزائري بـ"كوريا الشمالية" وتداعياته السياسية


يستمرّ السفير الفرنسي السابق في الجزائر، كزافييه دريانكور، في إثارة الجدل عبر تحليلاته الحادّة حول الوضع الداخلي في الجزائر، وتأثيراته المباشرة على فرنسا وأوروبا. دريانكور، الذي يُقدَّم في الأوساط الإعلامية الفرنسية كأحد أكثر الدبلوماسيين اطلاعًا على خبايا العلاقات الجزائرية-الفرنسية، عاد مجددًا ليُوجّه انتقادات قوية للنظام الجزائري خلال استضافته في برنامج نادي لوفيغارو يوم الثلاثاء 18 نونبر.



تشبيه لافت: "بين مرسيليا وكوريا الشمالية 800 كلم فقط"

في تصريح صادم، شبّه السفير السابق النظام الحاكم في الجزائر بنظيره في كوريا الشمالية، معتبرًا أن مستوى الانغلاق والتشدد السياسيين بلغ درجة غير مسبوقة. وأوضح أن المسافة الرمزية بين "مرسيليا وكوريا الشمالية" هي 800 كيلومتر فقط، في إشارة إلى غياب الفارق بين نظام يُصنَّف عالمياً كأحد أكثر الأنظمة قمعًا، وبين النظام الجزائري الذي يرى أنه يسير في الاتجاه نفسه.

دريانكور، الذي شغل منصب السفير في الجزائر لولايتين، تحدث بثقة المستند إلى تجربة شخصية معمّقة، مؤكدًا أن النظام الحالي بقيادة عبد المجيد تبون يُمعن في الانكماش السياسي ورفض الانفتاح، سواء داخلياً تجاه مطالب الشعب، أو خارجيًا في علاقاته الإقليمية والدولية.

لم يكتفِ السفير السابق بانتقاد طبيعة النظام، بل ذهب أبعد من ذلك حين صرّح بأن "42 مليون جزائري يريدون تأشيرة نحو فرنسا"، لأغراض تتراوح بين السياحة والدراسة والعمل، وبعضهم يرى في فرنسا بوابة للعبور نحو كندا. تساؤله الجوهري: لماذا يحلم كل هذا العدد بالنزوح، بدل أن يبنوا بلدًا وصفه بأنه كان يمكن أن يكون "كاليفورنيا إفريقيا"
بالنسبة لدريانكور، الإجابة واضحة: سوء التسيير، غياب الأفق، وانعدام الثقة في القيادة السياسية.

في مقالٍ سابق له بجريدة لوفيغارو، توقّع السفير السابق انهيار النظام الجزائري، مستندًا إلى ما اعتبره "حقائق موضوعية":

نظام ذو نَفَسٍ سوفييتي، قيادة عسكرية تتحكم في القرار السياسي، وواجهة مدنية فاسدة لا تختلف عن تلك التي أسقطها حراك 2019.

ويرى دريانكور أن هذا الوضع لا يهدد فقط الداخل الجزائري، بل سيُحدث ارتدادات خطيرة على فرنسا، خاصة فيما يتعلق بتدفقات الهجرة والعلاقات الاقتصادية.

ازداد الاهتمام بآراء دريانكور بعد نشره كتاب "اللغز الجزائري"، الذي يوثق تجربته كسفير في الجزائر. ويصف في كتابه المهمة الدبلوماسية هناك بأنها فريدة من نوعها:
عليك أن تُدير الماضي الثقيل للعلاقات الاستعمارية، وفي الوقت ذاته أن تفكر في المستقبل وتوازن بين ضغوط السياسة، المشاعر الشعبية، وإرث التاريخ.

تحليلات السفير السابق لا تأتي من فراغ، بل من دبلوماسي خبر تضاريس السياسة الجزائرية لسنوات. وبينما يراه البعض مبالغًا أو منحازًا، يرى آخرون أنه يكشف ما لا يجرؤ كثيرون على قوله علنًا.

لكنّ الثابت هو أن العلاقة الجزائرية-الفرنسية تعيش حالة احتقان مزمن، وأن الوضع الداخلي في الجزائر بات محور نقاش واسع في أوروبا، ليس فقط بسبب السياسة، بل بسبب تداعيات الهجرة، الأمن، والتوازنات الجيو-استراتيجية في جنوب المتوسط.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 21 نونبر 2025
في نفس الركن