تكنو لايف

الجيل الخامس... وشبكة ما زالت عالقة في الماضي


تُعلن اتصالات المغرب بفخر عن دخولها عصر الجيل الخامس (5G)، في خطوة تُقدَّم على أنها إنجاز تكنولوجي جديد يُدخل البلاد مرحلة السرعات الخارقة والاتصال الفائق. غير أن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح هو: هل غادرت الشركة فعلاً عصر الأعطال وضعف الصبيب والانقطاعات المتكررة؟



فبينما تتفاخر اتصالات المغرب بتقنياتها المتطورة، يتساءل المواطنون عمّا إذا كان هذا التطور سينعكس فعلاً على واقعهم اليومي، أم سيظل مجرد شعار دعائي يُخفي وراءه أعطاباً هيكلية في تدبير قطاع الاتصالات.

منذ تولّي محمد بنشعبون إدارة الشركة خلفاً لعبد السلام أحيزون، لم تُسجَّل قفزات نوعية في علاقة المؤسسة بمشتركيها. الأعطاب التقنية ما زالت تتكرر، والفواتير المرتفعة ما زالت تُرهق المستهلك، والصبيب المحدود ما زال يشكّل موضوع تذمّر دائم في المدن والقرى على حد سواء. وكأن الشركة ما زالت تعيش على أمجاد ماضٍ احتكاري أكثر مما تسعى إلى بناء ثقة جديدة مع زبنائها.

إطلاق الجيل الخامس في المغرب، رغم أهميته التقنية، لا ينبغي أن يُختزل في حملة إعلانية أو مؤتمرات صحفية براقة، بل يجب أن يمثل تحولاً حقيقياً في تجربة المستخدم. فالمعيار الحقيقي للنجاح ليس عدد الأبراج ولا سرعة البيانات المعلنة في التقارير، بل مدى وصول الخدمة بجودة مستقرة إلى المواطن البسيط، ومدى التزام الشركة بالشفافية في فواتيرها واحترامها لحقوق المستهلك.

اليوم، تجد اتصالات المغرب نفسها أمام مفترق طرق: إما أن تثبت أنها شركة وطنية قادرة على مواكبة التحول الرقمي بجودة حقيقية، أو تستمر في بيع الوهم بسرعات “خيالية” لا وجود لها إلا على الورق. لأن الجيل الخامس لا معنى له إن بقي المواطن ينتظر دقائق لتحميل مقطع فيديو أو يعاني من انقطاع التغطية في قلب العاصمة.

لقد آن الأوان لأن تفهم الشركة أن الزبناء ليسوا أرقاماً في قاعدة بيانات، بل مواطنون يدفعون من جيوبهم مقابل خدمة تحترم ذكاءهم وتطلعاتهم. فالتكنولوجيا قد تُبهر في ظاهرها، لكن الثقة تُبنى بالشفافية، بالجودة، وبالاحترام المتبادل.

أما أن تتحدث الشركة عن المستقبل وهي لم تُصلح حاضرها بعد، فذلك لا يعدو أن يكون كمن يضع شعار “الجيل الخامس” على واجهة متجر فارغ.

إن المغرب لا يحتاج إلى دعاية تكنولوجية جديدة بقدر ما يحتاج إلى ثورة في جودة الخدمات، حتى يكون الدخول إلى عصر الجيل الخامس نقلة حقيقية لا مجرد ضجيج رقمي.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 10 نونبر 2025
في نفس الركن