لقد اعتاد النظام الجزائري على مدار عقود أن يكون تابعاً لقوة كبرى توجه سياساته وتحدد أولوياته، منذ الحقبة الفرنسية التي أعقبت الاستقلال، مروراً بولائه شبه المطلق للاتحاد السوفييتي، وصولاً إلى محاولاته الراهنة للتقرب من الولايات المتحدة. غير أن المشهد اليوم يبدو أكثر تعقيداً؛ ففرنسا لم تعد الحليف المطلق بعد اعترافها بمغربية الصحراء، وروسيا دخلت في صراع مصالح معها في منطقة الساحل، لتجد الجزائر نفسها وسط تناقضات جيوسياسية خانقة، بلا حليف ثابت ولا رؤية واضحة.
وعلى الصعيد الداخلي، تتفاقم الأزمة البنيوية التي يعيشها النظام، إذ لم يعد يمتلك القدرة على إقناع الشعب بخطابه الثوري القديم، ولا على إخفاء عجزه في التعامل مع تحديات الاقتصاد والبطالة والاحتقان الاجتماعي. فـ"الشرعية الثورية" التي كان يتكئ عليها الجيش فقدت بريقها، والجيل الجديد من الجزائريين لم يعد يرى في تلك الشعارات سوى غطاء لاحتكار السلطة والثروة.
أما على المستوى الإقليمي، فاستمرار غلق الحدود مع المغرب لما يقارب نصف قرن، ومحاولات عزل المملكة عن عمقها الإفريقي، لم تثمر سوى مزيد من العزلة للجزائر نفسها، ومزيد من الخسارة الاقتصادية لشعوب المنطقة. فبدلاً من أن يكون اتحاد المغرب العربي فضاءً للتنمية والتكامل، أصبح رهينة صراعات وهمية تغذيها حسابات ضيقة لجنرالات يعيشون على إرث الماضي.
وفي ظل تدهور العلاقات مع باريس، وتوترها مع موسكو، يحاول النظام الجزائري فتح قنوات جديدة مع واشنطن، عبر تقديم تنازلات استراتيجية واسعة، أملاً في كسب دعم أمريكي يطيل عمره السياسي. غير أن الثمن يبدو باهظاً؛ فالمطالب الأمريكية، وفي مقدمتها المصالحة مع المغرب، تمثل شرطاً صعباً على نظام بُنيت عقيدته السياسية على العداء للمملكة الشريفة.
ويمكن القول إن الجزائر تقف اليوم على حافة مفترق مصيري. فالنظام العسكري الذي حكم البلاد منذ ستة عقود يعيش مرحلة أفول، بعدما استنفد كل أوراقه الخارجية والداخلية. ومع تصاعد الصراعات بين أجنحته وتراجع شعبيته، يبدو أن لحظة التغيير أصبحت أقرب من أي وقت مضى. السؤال لم يعد إن كان التغيير سيحدث، بل متى وكيف، ومن سيقود الجزائر نحو مستقبل يليق بتاريخها وثرواتها وشعبها.
وعلى الصعيد الداخلي، تتفاقم الأزمة البنيوية التي يعيشها النظام، إذ لم يعد يمتلك القدرة على إقناع الشعب بخطابه الثوري القديم، ولا على إخفاء عجزه في التعامل مع تحديات الاقتصاد والبطالة والاحتقان الاجتماعي. فـ"الشرعية الثورية" التي كان يتكئ عليها الجيش فقدت بريقها، والجيل الجديد من الجزائريين لم يعد يرى في تلك الشعارات سوى غطاء لاحتكار السلطة والثروة.
أما على المستوى الإقليمي، فاستمرار غلق الحدود مع المغرب لما يقارب نصف قرن، ومحاولات عزل المملكة عن عمقها الإفريقي، لم تثمر سوى مزيد من العزلة للجزائر نفسها، ومزيد من الخسارة الاقتصادية لشعوب المنطقة. فبدلاً من أن يكون اتحاد المغرب العربي فضاءً للتنمية والتكامل، أصبح رهينة صراعات وهمية تغذيها حسابات ضيقة لجنرالات يعيشون على إرث الماضي.
وفي ظل تدهور العلاقات مع باريس، وتوترها مع موسكو، يحاول النظام الجزائري فتح قنوات جديدة مع واشنطن، عبر تقديم تنازلات استراتيجية واسعة، أملاً في كسب دعم أمريكي يطيل عمره السياسي. غير أن الثمن يبدو باهظاً؛ فالمطالب الأمريكية، وفي مقدمتها المصالحة مع المغرب، تمثل شرطاً صعباً على نظام بُنيت عقيدته السياسية على العداء للمملكة الشريفة.
ويمكن القول إن الجزائر تقف اليوم على حافة مفترق مصيري. فالنظام العسكري الذي حكم البلاد منذ ستة عقود يعيش مرحلة أفول، بعدما استنفد كل أوراقه الخارجية والداخلية. ومع تصاعد الصراعات بين أجنحته وتراجع شعبيته، يبدو أن لحظة التغيير أصبحت أقرب من أي وقت مضى. السؤال لم يعد إن كان التغيير سيحدث، بل متى وكيف، ومن سيقود الجزائر نحو مستقبل يليق بتاريخها وثرواتها وشعبها.