حياتنا

التشاؤم الرقمي: بين التضليل المقصود والانتقادات الفردية


في الآونة الأخيرة، انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد وكتابات تدعي عزوف المغاربة المقيمين بالخارج عن قضاء عطلاتهم الصيفية بالمغرب، واختيارهم وجهات أخرى. هذه الظاهرة، التي أطلقت عليها وزارة الحماية الاجتماعية الإسبانية اسم "التشاؤم الرقمي"، أثارت جدلاً واسعًا حول دوافعها وأهدافها الحقيقية.



ادعاءات التشاؤم الرقمي
تعددت الأسباب التي يروج لها البعض لتبرير هذا العزوف المزعوم، بدءًا من غلاء تذاكر الطائرات والأسعار في المغرب، وصولاً إلى الادعاء بسوء المعاملة والاستهداف المقصود للمغاربة الوافدين من الخارج. ولتعزيز هذه المزاعم، يتم تداول صور ومشاهد لمناطق فارغة أو شبه فارغة من الزوار، في محاولة لترسيخ فكرة التراجع في الإقبال على السياحة الداخلية.

الواقع بالأرقام
بالمقابل، تكشف الأرقام الرسمية عن واقع مغاير تمامًا. وفقًا لعرض وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، فقد دخل حوالي 1,520,951 مغربيًا مقيمًا بالخارج إلى المغرب في إطار عملية "مرحبا" خلال الفترة الممتدة من 15 يونيو إلى 10 يوليو 2025، ما يمثل زيادة قدرها 13.3% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

كما أظهرت بيانات وزارة الداخلية الإسبانية أن عدد المسافرين الذين انتقلوا من الموانئ الإسبانية نحو المغرب بلغ، إلى حدود فاتح غشت 2025، حوالي 1,280,505 شخصًا، و316,973 مركبة، مسجلين بذلك ارتفاعًا بنسبة 2.5% و2.6% على التوالي مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2024. وتوقعت السلطات الإسبانية استمرار هذا النمو خلال الموسم الحالي.

معلومات مضللة أم انتقادات فردية؟
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل نحن أمام حملة تضليل مقصودة من جهات تسعى لتحقيق أجندات خاصة؟ أم أنها مجرد مبادرات فردية تهدف إلى تسليط الضوء على بعض التحديات الحقيقية مثل ارتفاع الأسعار؟ الإجابة قد تكون مزيجًا من الاثنين؛ فبينما قد تكون هناك جهات تسعى إلى تقويض صورة المغرب لأسباب سياسية أو اقتصادية، لا يمكن إنكار وجود انتقادات مشروعة تتعلق بالتكاليف المرتفعة والخدمات المقدمة.

الواقع يشير إلى أن المغرب لا يزال وجهة مفضلة للمغاربة المقيمين بالخارج، كما تثبت الأرقام الرسمية. ومع ذلك، فإن التعامل مع الانتقادات البناءة، مثل تحسين الخدمات وتخفيف التكاليف، يبقى أمرًا ضروريًا لتعزيز ثقة المغاربة وزوارهم. أما بالنسبة للتشاؤم الرقمي، فإن كشف الحقيقة بالأرقام والحقائق يظل السلاح الأقوى لمواجهة أي حملات تضليلية.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 5 أغسطس/أوت 2025
في نفس الركن