كلاكسون

"التريبورتور" في مراكش: وسيلة نقل عشوائية تهدد الأرواح وتكرّس فوضى النقل


تحولت الدراجات ثلاثية العجلات، أو ما يُعرف بـ"التريبورتور"، في شوارع مراكش إلى ظاهرة مقلقة تهدد سلامة المواطنين وتُكرّس فوضى النقل في المدينة الحمراء. ورغم أنها صُممت أساساً لنقل السلع والبضائع، إلا أنها أصبحت تُستخدم بشكل غير قانوني لنقل الركاب، بما في ذلك السياح الأجانب، في مشاهد تعكس تحدياً واضحاً للقوانين وتثير مخاوف كبيرة من وقوع حوادث خطيرة.



ظاهرة متفاقمة وخطر متزايد
في الأزقة والدروب والأسواق، باتت "التريبورتورات" تزاحم سيارات الأجرة وحافلات النقل الحضري، متجاوزة دورها الأساسي كمركبات خدمة. وقد أصبحت وسيلة نقل عشوائية تُقل أعداداً كبيرة من الركاب، رغم افتقارها لأبسط معايير السلامة. خطورة هذه المركبات تتجلى في عدم توازنها، وغياب وسائل الحماية للركاب، فضلاً عن قيادتها غالباً من قِبل مراهقين أو أشخاص غير مؤهلين، وبطريقة متهورة تزيد من احتمالية وقوع حوادث دامية.

الفاجعة الأخيرة التي شهدتها قلعة السراغنة، والتي راح ضحيتها ثمانية أشخاص كانوا على متن "تريبورتور"، تُعد مثالاً صارخاً على المخاطر الجسيمة المرتبطة بهذه الظاهرة. الحادثة دقت ناقوس الخطر وأكدت أن استمرار التساهل مع هذه الممارسات قد يؤدي إلى مآسٍ أكبر في المستقبل.

أسباب انتشار الظاهرة
رغم حملات محاربة التجاوزات المرتبطة باستخدام "التريبورتورات"، إلا أن غياب الاستمرارية والصرامة في تنفيذ القوانين يساهم في تفاقم المشكلة. يستغل بعض السائقين هذا التراخي لتحويل مركباتهم إلى وسائل نقل غير قانونية، تُستخدم لنقل الركاب وحتى السياح بين المعالم السياحية، مما يُعطي انطباعاً سلبياً وغير حضاري عن المدينة.

من جهة أخرى، يُعتبر الإقبال الكبير من المواطنين على "التريبورتور" كوسيلة نقل رخيصة وسريعة عاملاً أساسياً في انتشار هذه الظاهرة. هذا السلوك يُكرّس الفوضى ويُعرض حياة الركاب والمارة للخطر، خاصة أن هذه المركبات غير مصممة لنقل البشر، وتفتقر إلى وسائل الأمان مثل أحزمة السلامة، مما يجعل استخدامها مغامرة خطيرة.

مسؤولية مشتركة: بين السلطات والمواطنين
مع أن المسؤولية المباشرة تقع على عاتق السلطات المحلية والأمنية، إلا أن للمواطنين نصيباً من المسؤولية في تفاقم هذه الظاهرة. الإقبال الكبير على "التريبورتور" يُشجع السائقين على الاستمرار في استخدامها كوسيلة نقل عشوائية، رغم المخاطر الواضحة التي تُهدد الأرواح.

في هذا السياق، يُطالب العديد من المهنيين والمواطنين بتدخل عاجل من السلطات المحلية والأمنية، من خلال تنظيم حملات صارمة لمراقبة استعمال "التريبورتورات"، وزجر كل من يحوّلها إلى وسيلة لنقل الركاب. كما أن التوعية المجتمعية تُعد خطوة ضرورية لتغيير سلوك المواطنين وتقليل الاعتماد على هذه الوسيلة الخطيرة.

الحاجة إلى تدخل عاجل وحازم
إن الوضع الحالي يتطلب تدخلاً فورياً من الجهات المسؤولة لضبط استخدام "التريبورتورات" ومنع تحويلها إلى وسيلة نقل عشوائية. يجب تعزيز الرقابة الأمنية وتطبيق القوانين بصرامة، مع إطلاق حملات توعوية تستهدف السائقين والمواطنين على حد سواء. كما ينبغي التفكير في بدائل نقل آمنة وميسورة التكلفة تُقلل من اعتماد المواطنين على هذه الوسيلة الخطيرة.

حماية الأرواح أولوية
إن استمرار انتشار "التريبورتورات" كوسيلة نقل غير قانونية يُمثل تهديداً حقيقياً للأرواح، ويُكرّس صورة غير حضارية عن مدينة مراكش. الفاجعة الأخيرة في قلعة السراغنة ليست سوى تحذير جديد يُؤكد أن الوقت قد حان لاتخاذ إجراءات حازمة لحماية الأرواح وصون كرامة المواطن.

فهل ستتحرك السلطات بحزم لإنهاء هذه الفوضى؟ أم أننا سننتظر وقوع المزيد من المآسي قبل أن نستيقظ على حجم الخطر؟ الإجابة واضحة، والقرار بيد من بيدهم سلطة التدبير والتنفيذ.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 9 يونيو/جوان 2025
في نفس الركن