أخبار بلا حدود

الاتحاد الإفريقي بين الالتزام بوحدة الدول وازدواجية المعايير: درس جديد من رفض الاعتراف بـ"أرض الصومال"


أكد الاتحاد الإفريقي رفضه الاعتراف بما يسمى “أرض الصومال”، مشدداً على تشبثه بمبدأ وحدة وسيادة الدول الأعضاء واحترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، وهو المبدأ الذي اعتمدته منظمة الوحدة الإفريقية منذ الستينات. وأوضح رئيس مفوضية الاتحاد أن أي اعتراف بكيان انفصالي داخل دولة عضو يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار القارة ويفتح الباب أمام سوابق خطيرة قد تُستغل في مناطق أخرى.



لكن هذا الموقف الصارم يضع المنظمة القارية أمام إشكالية مزدوجة، بالنظر إلى قبول عضوية جبهة البوليساريو منذ ثمانينات القرن الماضي، رغم غياب أي اعتراف أممي بها، في الوقت الذي يظل فيه نزاع الصحراء المغربية مدار نقاش حصري داخل جهود الأمم المتحدة. هذا التناقض جعل الاتحاد الإفريقي يتعرض لانتقادات مستمرة تتهمه بازدواجية المعايير، إذ يدافع عن وحدة بعض الدول بينما يدعم حضور كيان انفصالي على حساب دولة عضو ذات سيادة.

ويرى مراقبون أن الضغط الدولي المتزايد، خصوصًا من شركاء استراتيجيين مثل الصين وروسيا واليابان، الذين يشترطون التعامل فقط مع الحكومات المعترف بها دوليًا، يزيد من تعقيد الموقف. ومع ظهور حركات انفصالية جديدة في القارة، يجد الاتحاد نفسه أمام اختبار حقيقي بين ضرورة تصحيح إرث قرارات متعارضة أو الاستمرار في سياسة قد تضعف مبادئه المؤسسة.

وفي هذا السياق، اعتبر عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة “أفريكاووتش”، أن ازدواجية المعايير في مواقف الاتحاد الإفريقي تستند أحيانًا إلى المصالح الجيوسياسية أكثر من الركائز القانونية، مضيفًا أن موقف الاتحاد من رفض الاعتراف بالصومال لا ينسجم مع سابقة قبول البوليساريو في هياكله، ما يعكس كيل المنظمة بمكيالين في المبادئ التي تدّعي الالتزام بها.

من جانبه، شدد محمد فاضل بقادة، رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية لحركة “صحراويون من أجل السلام”، على أن القارة الإفريقية تواجه توترات أمنية وسياسية متصاعدة تغذيها مصالح جيوسياسية مرتبطة بالأمن القومي لقوى إقليمية ودولية، وأن مسؤولية الاتحاد الإفريقي تقتضي التدخل لحل النزاعات عبر آليات ميثاقه، بما يدعم السلام ويحد من التدخلات الخارجية.

وأضاف أن التناقض في مواقف الاتحاد، بين دعم بعض الكيانات الانفصالية ورفض أخرى، يطرح إشكالات حول المرجعية السياسية والقانونية للمنظمة ويستدعي مراجعة جذرية لاستعادة فعاليتها في مواجهة النزاعات والتهديدات المتنامية.

وتخلص التحليلات إلى أن استمرار بعض مجموعات الضغط داخل الاتحاد في الدفع نحو التعامل مع البوليساريو كدولة عضو، رغم التعارض الصريح مع مبدأ عدم المساس بسيادة الدول الأعضاء، يكلف القارة فرص التنمية والاستقرار، ويستوجب توجيه الجهود نحو بناء مستقبل مشترك يحترم سيادة الدول ويخدم مصالح الشعوب الإفريقية.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 30 دجنبر 2025
في نفس الركن