صحتنا

الأنسولين: تعريفه وكيفية التعامل معه


ما هو الإنسولين؟ ما الذي يحصل للجسم دون إنسولين؟ ماذا يحصل عندما يكون هنالك إنسولين أكثر مما يجب؟ ومتى تكون هنالك حاجة للعلاج بالإنسولين؟



الإنسولين هو هورمون يعمل على موازنة مستويات السكر في الدم. يتسم مرض السكري بمستويات مرتفعة من السكر بالدم، ناتجة عن عدم إنتاج البنكرياس كمية كافية من الإنسولين، أو لأن الجسم لا يستطيع استخدام الإنسولين الذي ينتجه بصورة ناجعة.
 
قسم من مرضى السكري، لا يستطيعون الصمود دون حقن الإنسولين، وآخرون يحتاجون له من أجل التقليل من مخاطر المضاعفات.
 
ما هو الإنسولين؟
 
تحتاج كل خلية في جسمنا للأوكسجين والسكر من أجل الاستمرار بالحياة والقيام بما تقوم به. لكن الخلية تشبه الغرفة الصغيرة المقفلة - حيث أن غشاء الخلية يعزلها عن العالم - وكذلك عن سكر الدم (الجلوكوز).
 
لكي تدخل جزيئات السكر إلى داخل الخلايا، عليها الدخول عن طريق باب. هذا الباب، هو في الواقع المستقبلات التي عليها أن تفتح لكي تتيح لجزيئات السكر إمكانية الدخول. لكن هذا الباب لايُفتح بصورة اعتباطية. دون مفتاح، عندما يقترب السكر من المستقبل، لن يحصل أي شيء. المفتاح هو هورمون الإنسولين. يصل الإنسولين، بوجود السكر، إلى منطقة المستقبل ويسبب له "حساسية". عندما يتم تشغيل المستقبل، "ينفتح الباب" ويدخل السكر من الدورة الدموية إلى داخل الخلية.
 
عندما يأكل الإنسان ويرتفع مستوى السكر في دمه، تبدأ منظومة الإنسولين والمستقبلات بالعمل من أجل نقل فائض السكر من الأوعية الدموية إلى داخل الخلايا، وهكذا تقوم بموازنة مستوى السكر في الدم.
 
يتم إنتاج الإنسولين فقط في خلايا البيتا في البنكرياس. إذا توقفت خلايا البيتا عن العمل، ليس هنالك أي عضو بإمكانه إنتاج الإنسولين بدلا منها.
 
ما العلاقة بين الإنسولين والسكر؟
 
يتمثل مرض السكري - على اختلاف أنواعه - بوجود فائض من السكر في الدم. لدى الأشخاص المصابين بالسكري من النوع الأول، ينتج المرض جرّاء تعرض خلايا البيتا لديهم لضرر غير قابل للإصلاح، بسبب ردّة فعل مناعية ذاتية في الجسم. يقوم جهاز المناعة، لسبب غير واضح، بمهاجمة خلايا البيتا وتدميرها، حتى يصل إلى حالة لا تبقى هنالك خلايا بيتا فعّالة في الجسم. في هذه الحالة، يحتاج المريض للإنسولين من مصدر خارجي لكي يعيش.
 
في السكري من النوع الثاني، يكون الوضع مختلفا. تكون خلايا البيتا سليمة في البداية. يبدأ المرض بسبب مستويات السكر المرتفعة في الدم. يشعر البنكرياس بمستوى السكر المرتفع في الدم، ولذلك يقوم بإنتاج المزيد والمزيد من الإنسولين الذي يتم دفقه إلى الدورة الدموية - تسمى هذه الحالة بـ "فرط الإنسولينية"، وتشكل حالة استباقية للإصابة بالسكري (مقدمات السكري). لدى الأشخاص الذين يعانون من مقدمات السكري، لا تشعر المستقبلات بصورة كافية بوجود الإنسولين - تنخفض حساسيتهم للإنسولين (أو بكلمات أخرى - تحصل مقاومة للإنسولين) وتستمر خلايا البيتا بإنتاج كميات كبيرة من الإنسولين للتعويض عن نقص الحساسية المذكور، إلى أن تنهار تحت الضغط ويبدأ إنتاج الإنسولين بالانخفاض تدريجيا إلى أن يتوقف تماما.
 
متى بدأوا بحقن الإنسولين لعلاج السكري؟
 
تم اكتشاف الإنسولين لأول مرة عام 1920 وفي العام 1921 تم حقن الإنسولين لشخص مريض لأول مرة. حتى ذلك الحين، كان يعتبر السكري مرضا قاتلا. تم حقن الإنسولين الأول، الذي تم استخلاصه من بنكرياس كلب، لطفل يبلغ الثامنة، وكان على شفا الموت. لقد توفي قبل فترة قصيرة، جرّاء حادث طرق.
 
اليوم، قلّة هم الناس الذين يموتون بسبب السكري نفسه، وتنتج حالات الوفاة المتعلقة بالسكري - بصورة أساسية - عن المضاعفات المتأخرة. لذلك، فإن الهدف الأساسي من علاج السكري هو منع مضاعفات المرض، التي لم نكن نعرفها في الماضي، فقط لأن الناس لم يكونوا يعيشون ما يكفي لكي تحصل لديهم.
 
متى يبدأ العلاج بالإنسولين؟
 
ليس لدى المصابين بالسكري من النوع الأول، أية قدرة لإنتاج الإنسولين، وهم بحاجة لتلقي الإنسولين من أجل الاستمرار بالعيش. البنكرياس السليم، ينتج الإنسولين طوال الوقت - سواء في النهار أو في الليل. كذلك، يملك البنكرياس "مقياس سكر" ويقوم بصورة متواصلة بفحص مستويات السكر في الدم. إذا لاحظ مستويات سكر أعلى بعد تناول الطعام، يقوم بإفراز المزيد من الإنسولين. من أجل محاكاة هذه العملية، تتم معالجة مرضى السكري من النوع الأول بنوعين من الإنسولين: الإنسولين القاعدي - للمدى الطويل الذي يبلغ 24 ساعة، والإنسولين قصير الأمد مع كل وجبة، في الغالب قبلها، بحسب الارتفاع المتوقع بمستويات السكر في أعقاب ما يتم تناوله. يعمل الإنسولين قصير الأمد لنحو 5 ساعات فقط. 
 
لدى الأشخاص المصابين بالسكري من النوع الثاني، في بداية المرض، يكون هنالك ما يزال إنتاج إنسولين في الجسم. مشكلتهم، كما ذكرنا، هي أن المستقبلات التي ينبغي أن يؤثر عليها الإنسولين، لا تتجاوب معه كما ينبغي ولا تتيح للسكر الدخول من الدورة الدموية إلى الخلايا. يتجاوب هؤلاء المرضى، خلال السنوات الأولى، بصورة ممتازة مع العلاج من خلال النشاط البدني (الرياضي) والحمية قليلة النشويات، وبالأساس مع الانخفاض بالوزن. بصورة عامة، من الممكن أن يستمر هذا الوضع مدّة سنة، سنتين أو ثلاث، لكن في كثير من الحالات، يحتاج المرضى في مرحلة معينة لتلقي دواء للسكري - ومن المفضل مبكرا وليس متأخرا - للمساعدة في خفض مستويات السكر في الدم، مثل الأدوية التي تقوم بتشغيل خلايا البيتا المتبقية أو الأدوية التي تمنع إنتاج السكر الفائض في الكبد. 
 
بعد نحو عشر سنوات من المرض، يتراجع تأثير العلاجات لدى نحو نصف المرضى على الأقل، وبالإضافة إلى الأدوية، يحتاجون أيضا لتلقي الإنسولين. في غالبية الحالات، من أجل الوصول إلى حالة من التوازن المعقول، يكفيهم - في البداية على الأقل - أخذ حقنة واحدة من الإنسولين القاعدي الذي يعمل بصورة عامة لمدة تصل إلى 24 ساعة، مثل اللانتوس، الليفيمير أو الترغلوديك. في بعض الحالات، من الممكن أن تكون هنالك حاجة أيضا للاستمرار بحقن الإنسولين قصير الأمد بموازاة وجبات الطعام.




الجمعة 23 فبراير 2024
في نفس الركن