تيتيه، التي كانت في لقاء رسمي مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، لم تخف إعجابها بجدية المبادرات المغربية، ووصفت المغرب بـ"الشريك المهم جدًا" في مسار المصالحة الليبية. وأشارت إلى أن المملكة ساهمت بشكل فعّال في بلوغ مراحل حاسمة من العملية السياسية، خصوصًا من خلال استضافتها لمفاوضات بوزنيقة وعدد من اللقاءات المباشرة وغير المباشرة بين الفرقاء الليبيين، مما أسهم في كسر الجمود السياسي الذي خيم على الملف لسنوات.
وأكدت المسؤولة الأممية أن هذا التقدير الأممي ليس موقفًا عابرًا، بل يعكس اعترافًا متجددًا بالدور المسؤول والبنّاء الذي يضطلع به المغرب على مستوى الساحة المغاربية، خاصة في القضايا ذات البعد الإقليمي المعقد، وعلى رأسها الملف الليبي. واعتبرت تيتيه أن المغرب لا يقدم فقط الدعم اللوجستيكي والسياسي، بل يحرص على أن يكون منصة حوار نزيهة تحترم سيادة الليبيين وتفسح المجال أمامهم لبناء توافق داخلي بعيدًا عن أي تدخل أو وصاية خارجية.
وفي حديثها عن السياق الليبي الراهن، شددت تيتيه على أن البلاد تمر بمرحلة بالغة الحساسية، اتسمت خلال الأشهر الأخيرة بتجدد التوترات الأمنية في العاصمة طرابلس، وتعثر المسار الانتخابي على المستوى البلدي في عدة مناطق. ولفتت إلى أن هذه الظروف الصعبة تتطلب دعمًا دوليًا منسقًا، وتعاونًا صادقًا من الدول المعنية باستقرار المنطقة، وفي مقدمتها المغرب الذي يواصل تقديم دعمه السياسي والعملي في هذا الاتجاه.
كما كشفت تيتيه أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تعمل حاليًا على بلورة خارطة طريق سياسية جديدة بالتعاون مع مختلف الأطراف الليبية، وهي خارطة تراهن على توافق شامل يمهد لإطلاق انتخابات وطنية شاملة، ويُنهي حالة الانقسام المؤسساتي التي تعاني منها البلاد منذ سنوات. وأبرزت أن هذا المسار لا يمكن أن يُكتب له النجاح دون دعم مستمر من دول مؤمنة بالسلم والحوار، وعلى رأسها المغرب، الذي يحظى بثقة الأطراف الليبية والمجتمع الدولي على حد سواء.
وختمت تيتيه تصريحاتها بتجديد التزام البعثة الأممية بمواصلة العمل إلى جانب الليبيين، معبرة عن امتنانها للدعم المغربي المتواصل، وعن أملها في أن تشكل المرحلة المقبلة محطة حاسمة في إعادة بناء المؤسسات الليبية وتوحيد القرار السياسي، في إطار احترام سيادة ليبيا ووحدتها الترابية.
بهذا التصريح الجديد، تعزز الأمم المتحدة مرة أخرى صورة المغرب كفاعل إقليمي موثوق، يجمع بين الحكمة السياسية والدينامية الدبلوماسية، في زمن تتقاطع فيه الأزمات وتتراجع فيه الحلول. ويبدو أن رهان الرباط على نهج التهدئة والحوار بات يحصد الاعتراف والثقة، وهو ما يؤهلها أكثر فأكثر لتكون طرفًا أساسياً في حلحلة أزمات المنطقة المغاربية والقارة الإفريقية عمومًا