أسرتنا

الأمراض النفسية عند الأباء وتأثيرها على الأبناء: بين الوراثة والبيئة الأسرية


تلعب الصحة النفسية للأباء دوراً محورياً في تكوين البيئة الأسرية وتشكيل الشخصية العاطفية والاجتماعية للأطفال. فالأمراض النفسية عند الأباء، سواء كانت اكتئاباً، قلقاً، اضطراب ثنائي القطب، أو أمراض أخرى، لا تؤثر فقط على حياة الشخص المصاب، بل تمتد آثارها لتشمل الأبناء بشكل مباشر وغير مباشر.



ويظهر أثر الأمراض النفسية عند الأباء في تفاعلهم اليومي مع أبنائهم. فقد يؤدي الاكتئاب أو القلق المزمن إلى قلة التفاعل العاطفي، الانسحاب الاجتماعي، أو نوبات الغضب المفاجئة، ما يخلق شعوراً بعدم الأمان لدى الطفل ويؤثر على تكوين ثقته بنفسه. الأطفال الذين ينشؤون في بيئات تتسم بالتوتر النفسي المستمر قد يظهرون مشكلات سلوكية، تراجعاً في الأداء الدراسي، واضطرابات في التعامل مع الآخرين.

كما أن الأبوة أو الأمومة المصابة باضطرابات نفسية قد تجد صعوبة في التعبير عن الحب والحنان بانتظام، مما يؤثر على الارتباط العاطفي بين الوالدين والأبناء. الدراسات تشير إلى أن الأطفال الذين لا يحصلون على دعم عاطفي مستمر معرضون لاحقاً للقلق الاجتماعي، صعوبات في إدارة المشاعر، وربما تكرار بعض الأنماط النفسية لدى الأباء.

وتلعب الجينات دوراً في نقل الميل النفسي من الأباء إلى الأبناء. فالأمراض النفسية لها غالباً عوامل وراثية تجعل بعض الأطفال أكثر عرضة للإصابة باضطرابات مشابهة إذا كان أحد الأبوين مصاباً بها، خصوصاً إذا تزامن ذلك مع بيئة عاطفية غير مستقرة أو ضاغطة.

وللتقليل من التأثيرات السلبية على الأبناء، ينصح الخبراء بما يلي:

العلاج النفسي للوالدين: تلقي العلاج المناسب يساعد الوالد على التحكم في أعراضه، وبالتالي توفير بيئة أكثر استقراراً للأطفال.

التواصل المفتوح مع الأبناء: تبسيط المشاعر للطفل وفق عمره، مع طمأنته بأنه ليس مسؤولاً عن مشاعر الوالدين.

الاستعانة بمختصين للأطفال: في حال ظهور مشكلات سلوكية أو نفسية لدى الأطفال، يمكن للأخصائيين النفسيين تقديم دعم فعال.

تعزيز الروابط الاجتماعية والداعمة: العائلة الممتدة، الأصدقاء، والأنشطة المجتمعية توفر شبكة حماية إضافية للطفل.

كما أن صحة الأب النفسية ليست مسألة فردية، بل هي عنصر محوري في تكوين الجيل القادم. التحديات النفسية للأباء قد تؤثر على سلوكيات الأطفال، استقرارهم العاطفي، وقدرتهم على مواجهة الضغوط. لكن مع الوعي المبكر، العلاج المناسب، والدعم الاجتماعي، يمكن التخفيف من هذه التأثيرات، وتمكين الأبناء من النمو في بيئة صحية ومستقرة.

سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة… إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 1 دجنبر 2025
في نفس الركن