وقال الدكتور العباس الوردي، المنسق العام لأكاديمية الشباب المغربي، إن "المرحلة الراهنة تقتضي من الشباب تجاوز منطق المطالبة فقط، والانخراط العملي في صياغة الحلول عبر المشاركة في الحوار الوطني الاجتماعي، انطلاقًا من حسهم الوطني وتجذر قيم التلاحم والتمغربيت في وجدانهم"، مؤكدًا أن المغرب اليوم في حاجة إلى طاقات شبابية فاعلة تعكس غيرتها الصادقة على الوطن والملك.
وجاء هذا البيان في سياق موجة احتجاجات شبابية عرفتها عدة مدن مغربية خلال الأسابيع الأخيرة، قادها أساسًا شباب جيل Z، الذين خرجوا للتظاهر من أجل المطالبة بحقهم في تعليم عمومي جيد ورعاية صحية لائقة، رافعين شعارات تندد بتفاوت الخدمات الاجتماعية بين المدن والمناطق، ومعتبرين أن السياسات العمومية الحالية لا تواكب تطلعاتهم ولا تضمن العدالة الاجتماعية. وقد أثارت هذه الاحتجاجات جدلاً واسعًا حول مستقبل علاقة الشباب بالدولة، وحدود استجابتهم لورش الدولة الاجتماعية.
وفي هذا الصدد، شدد الدكتور الوردي على أن "الحوار المؤسساتي هو السبيل الأمثل لترجمة المطالب الشبابية إلى سياسات واقعية قابلة للتنفيذ، بدل ترك الشارع وحده يتكفل ببلورة المواقف". وأوضح أن أكاديمية الشباب المغربي ترى أن الانخراط في النقاش العمومي وتقديم مقترحات ملموسة يمثل السبيل الأمثل لتجاوز الاحتقان الاجتماعي وفتح صفحة جديدة في علاقة الشباب بالمؤسسات.
كما أكد أن الأكاديمية لن تدخر جهدًا في تأطير الشباب ومواكبة مبادراتهم، معتبرًا أن "أي فكرة أو مشروع شبابي هادف لتعزيز التنمية الوطنية سيجد في الأكاديمية سندًا مؤسساتيًا للترافع والدفع نحو التنفيذ".
ويأتي هذا الموقف في انسجام مع الرؤية الاستراتيجية للمملكة، التي جعلت من الدولة الاجتماعية خيارًا استراتيجيًا، من خلال إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية وإطلاق برامج تستهدف تقليص الفوارق المجالية. إلا أن بروز جيل جديد من المحتجين، يتميز بسرعة التعبئة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وبأسلوب احتجاجي مختلف، يفرض على المؤسسات الرسمية ومكونات المجتمع المدني إعادة التفكير في قنوات التواصل والإنصات.
وبينما تعكس احتجاجات جيل Z رفضًا متزايدًا للسياسات العمومية التقليدية، يرى مراقبون أن دعوة أكاديمية الشباب المغربي تشكل فرصة لإعادة بناء الثقة بين الدولة والشباب، عبر إشراكهم فعليًا في صياغة الحلول، بدل الاكتفاء بموقع المتلقي لقرارات جاهزة.