كتاب الرأي

أحزاب الأخلاق ورهانات استحقاقات 2026


تشكل الديمقراطية التمثيلية محطة عبور نحو استكمال بناء ورش دولة الحق والقانون ، عملية انتخابية يعبر فيها المواطن عن حقوقه وواجباته الدستورية بناء على معادلة التصويت حق وواجب وطني ، بنية دستورية تؤشر على ضرورة مشاركة الناخب المادية في عملية التصويت ومن ثمة تمكنه من اختيار أنسب الممثلين الذين يرى فيهم بلوغ طموحاته وغاياته ، طموح يعقد في أول وآخر المطاف على البنية الحزبية ، هذه الأخيرة التي تشكل عصب دوران عجلة التنمية الديمقراطية وإذكاء روحها لدى عامة المواطنات والمواطنين، معادلة ذات حدين محوريين يتجلى أولها في الدوري الدستوري الذي يجب أن تضطلع به الأحزاب السياسة ويتعلق الأمر بالفصل السابع من دستور المملكة الحالي والذي ينص على أنه : تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي،وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية.



مقال بقلم الدكتور العباس الوردي استاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط و المدير العام للمجلة الافريقية للسياسات العامة

أسس الفيلسوف اليوناني أفلاطون، الذي جمع في “مدينته الفاضلة” (كتاب الجمهورية) بين السياسية والأخلاق بنية فكرية فلسفية قائمة الذات والتي جمعت في طياتها بين السياسة والأخلاق ، كما عرفت الجزيرة العربية أو تلك الواقعة ضمن مجال النفوذ الإسلامي، بروز مفاهيم ومقاربات واجتهادات فكرية  أطرت عملية تقييد العمل السياسي للحكام والولاة بالضوابط الأخلاقية، وذلك من منطلق المزاوجة بين العقيدة والقول والعمل، كما  أكد الإمام الحسن بن محمد الأصفهاني صاحب كتاب (الذريعة إلى مكارم الشريعة) وهو يتحدث عن السياسة بقوله : “والسياسة ضربان: أحدهما: سياسة الإنسان نفسه وبدنه وما يختص به. والثاني: سياسة غيره من ذويه وأهل بلده، ولا يصلح لسياسة غيره مَن لا يصلح لسياسة نفسه، مقومات فكرية فلسفية تبين التجذر التاريخي لبنيتي السياسة والاخلاق ومتلازمة تأطير العلاقة بينهما .


إن العصر الحديث لايختلف في عمقه الانسي البشري عن ماضيه ، غبر أن واقع الحال تتحكم فيه معادلة مهيمنة عنوانها لازمة تطوير العمل الحزبي عبر منصة التواصل الحزبي السياسي ، وبالتالي فنحن أمام معادلة بأسين أحدهما تتعلق بالتأطير المفضي الى الانخراط في الحياة السياسية الوطنية في نطاق عنوانه تعميم رقعة المشاركة السياسية الكفيلة بتكريس منسوب الديمقراطية الحقة عبر بوابة دولة المؤسسات ، فيما الأس الثاني والذي نعتبره عصب التجربة والممارسة السياستين ، ذلك أن التجاوب مع قناعات الناخب عبر بوابة التواصل الحزبي السياسي ليعتبر المحرك المركزي لدوران عجلة الديمقراطية المهيكلة والبناءة ، غير أن إشكالية عريضة تطرح في هذا الباب ويتعلق الأمر بماهية تأثير الأحزاب السياسية في بناء شخصية الناخب وضمان مشاركته السياسية المواطنة .


يؤشر المعترك الحزبي السياسي المغربي على جملة من الاشكالات العميقة التي لازالت تؤثر سلبا على مردودية المشاركة السياسية للمواطن المرجوة من لدن المشرع المغربي ، إشكالية تتعلق أولا وقبل كل شيء بالروفايلات الحزبية التي أصبحت محط اهتمام واسع من لدن شرائح عريضة من المجتمع المغربي والتي تناقش كل الساسة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت تسمى بأحزاب العالم الأزرق ، نقاشات طفت على السطح خاصة مع توالي الانتكاسات التي تعبر عنها جملة من المشاكل التي يضلع فيها سياسيون يمثلون جملة من التلاوين الحزبية ، هذا ليس باجهاز من الكاتب على سياسي بعينه وانما محاولة منه وضع الاصبع على مكامن الخلل والاعطال التي تقتضي التدخل العاجل لاصلاحها ، أمر لا يمكن بلوغه الا من خلال تخليق الحياة السياسية ، قد يتساءل البعض في هذا الباب هل يتعلق الأمر بفلسفة انسانية ام حزبية سياسية ضيقة .


يشكل الفرد محور الحياة الانسانية بجميع تمتلاثها والتي تشكل البنية الحزبية والسياسية محورا استراتيجيا من أحل بناء تصورات براغماتية لتصرف الطموحات عبر بوابة دولة المؤسسات ، وعلى أساس ذلك واعتبارا لخصوصية العهد الجديد الذي ينادي بمحاربة الفساد والمفسدين واعتبارا للأوراش التنموية التي تنخرط فيها المملكة فإن الأمر يتطلب خلق نقاش عمومي حزبي قادر على احتواء أزمة الأخلاق داخل المعترك السياسي المغربي ومن ثمة بناء جملة من الأفكار السياسية البين حزبية القادرة على إبراز تمغربيت العمل السياسي من جهة ومن توسيع رقعة المشاركة السياسية من جهة أخرى ، معادلة ستزكي أجود الكفاءات الحزبية من قيادة البينة الحزبية نحو التطوير والاندماج في غايات المواطن المغربي التواق للانعتاق من براتين المرشح الغير مناسب لتنقلب معه المعادلة وتصبح الاحزاب السياسية أكثر جاذبية لكل المواطنات والمواطنين من أجل التضامن المواطن عبر بوابتها في بناء مغرب الحاضر والمستقبل المتأسس على تاريخه المجيد .


ان رهان الاستحقاقات التشريعية لسنة 2026 ستكون فيها الأحزاب السياسية أمام محك حقيقي عنوانه تخليق الحياة السياسية وهو التوجه الذي لطالما دافع عنه ابن خلدون بقوله بأنه : ‘على القائد السياسي أن يكون القدوة للآخرين، بأن يحترم الأخلاق الفاضلة ويدافع عن الحق، وعليه أن يتعامل بحكمة واعتدال مع غيره’ ، وهو تقدير فكري يرى الكاتب بأنه يجب أن يكون علاقة فارقة في أفق  الاستحقاقات المقبلة .

 

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 7 ماي 2024

              

















القائمة الجانبية الثابتة عند اليمين





Buy cheap website traffic