كتاب الرأي

الرجل والمرأة : مقاربات تاريخية وتحولات اجتماعية عميقة




بقلم : علي تونسي

  موضوعان متوازيان متكاملان
الأول:
           ( رجل ) / ( امرأة )
        أية مقاربات و أبعاد ؟!!!

هي نتاج القيم المتداولة في المجتمع و تمثلاتها المختلفة عند الناس تبعا للتقاليد و العادات و ما تحققه من استجابات للطلب المجتمعي العام.

 و من تمة يختلف تحديد تعريف لكلمة ( رجل ) / خشونة؟/ قوة جسدية؟ / قوة اقتصادية؟ / باءة؟ / قدرة على بناء أسرة؟ / قدرة على تحمل المسؤولية؟ / حكمة؟ / تفوق فكري؟!!!  تتعدد المقاييس و المعايير بتعدد  المفاهيم و اختلاف المرجعيات الثقافية و الأنثربولوجية للمجتمعات، بل بتعدد الأطر القبلية و العشائرية داخل المجتمع الواحد. و حتى تطورها أو تغيرها عبر الأزمنة و الأجيال... 

 كما أن كلمة ( امرأة ) هي في العمق إطار مرجعي لمجموع التمثلات و التقاليد و العادات التي تفرق بين الجنسين ( رجل / امرأة ) من حيث الشكل و الزي و المواقع الاجتماعية و نوع الحلي و الزينة و أدوارهما المجتمعية المتباينة المساهمة في استقرار و استمرار و ترسيخ الثقافة المهيمنة للمجتمع و خلفياتها الإيديولوجية و تكريس نمط الإنتاج و إعادة الإنتاج... حسب نوعية الأنظمة السياسية و الاقتصادية السائدة...

 و في إطار تغير المطلب المجتمعي ما حدث مثلا إبان النهضة الأوروبية من تراكم معرفي فلسفي، خصوصا فيما يتعلق بالفكر الاجتماعي و السياسي و حقوق الإنسان و العلاقة بين الحكام و المحكومين ( العقد الاجتماعي ). و فلسفة الأنوار و ما صاحبها من تطور في الاكتشافات العلمية و الاختراعات... تبعتها ثورة صناعية أدت إلى انقلاب في النظام الاقتصادي من الاعتماد على الفلاحة إلى الصناعة أساسا و الخدمات وتطورات علمية تيكنولوجية مذهلة فتم انقلاب في القيم و المفاهيم الإيديولوجية بالانتقال إلى العلمانية و صعود البورجوازية على أنقاض الاستبداد الإقطاعي الذي كان مدعوما بالهيمنة الدينية للكنيسة... و انفتاح المجتمعات الأوروبية على مبادئ الحرية و حقوق الإنسان و المساواة و انطلاق المشاريع التنموية الكبرى و المصانع و المقاولات...

 لكن دمار الحربين العالميتين أدى إلى ارتفاع في منسوب الطلب المجتمعي المتعلق بالحاجة إلى سد الخصاص المهول في اليد العاملة المنتجة و الرخيصة  الأمر الذي أدى من جهة إلى جلبها من المستعمرات...

و من جهة إخرى إلى الإعتماد على اليد العاملة النسوية المحلية...فتم ذلك بإحداث تغير في بنية القيم الثقافية المجتمعية لضمان خروج المرأة إلى ميدان العمل بدون مقاومة من طرف التقاليد و العادات السائدة و الرافضة لخروج المرأة للعمل إلى جانب الرجل. فتم إطلاق دينامية فكرية ثقافية فنية و تنظيم العمل الجمعوي مع نشر الدعوات السياسية إلى ترسيخ مبادئ الحرية و المساوات و حقوق الإنسان و تنظيم العمل الجمعوي و الحركات النسائية للدفاع عن تحرر المرأة و مساواتها للرجل  في التعليم و الشغل و الأنشطة الثقافية و السياسية و الاقتصادية و من تمة خروجها للعمل في الوظائف و  المعامل و المصانع و الأوراش المختلفة... في كلا النظامين الليبرالي و الشيوعي سواء بسواء

 غير أن كل هذا التطور لم يؤدي حقيقة إلى التحرر و المساواة الكاملة حتى وقتنا الراهن لأن تغير المطالب المجتمعية المتعلقة بالمرأة أو الأنوثة لم تنبني على شعارات و دعوات صادقة بقدر ما قامت في العمق على الحاجة إلى استغلال اليد العاملة النسوية فقط لا غير...

الثاني:
         في سوسيولوجيا الجسد
                                     
 علاقة الجسد ( شكلا و حركة و سلوكا ) بعوامل التحول و التطور و الطفرات الطبيعية علاقة جدلية. فبالقدر الذي يتقدم به الإنسان في الزمن الثقافي و العلمي أجيالا و  مسافات طويلة فإنه يراكم خلالها كما هائلا من معلومات جديدة ( فكرية، علمية و قيم جمالية... )  تنعكس مضامينها مع الزمن على التمثلات الأخلاقية و الإيديولوجية  برقي في أسلوب المعيشة اليومي/ تغدية، نظافة، فن و إبداع... و ما يصاحب ذلك من  نمو أكثر نضجا و تطورا في أنساق اللغة ( بنية و وظيفة ) 
بإنتقال من مستوى الكلمات و المفردات إلى المصطلحات إلى تأسيس المفاهيم و التصورات إلى مناهج البحث للإشكاليات المعقدة مما يساهم في  تقعيد أكثر تعقيدا و دقة لوظائف الفكر ( التحليلية / التركيبية ) و بنياته العصبية في اتصالها بفسيولوجية الجسد و الخلايا و  الجينوم الوراثي... فيصاحب هذا التطور انعكاس تطور في بنية الجسد و أوضاعه، لتشكل حركاته و سكناته لغة جسدية تتضمن رموزا للأفكار و المواقف و الأحاسيس و الانفعالات و التمثلات للقيم الأخلاقية و الإيديولوجية و النظم السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية...

   إضافة إلى استعمالاته الجمالية و الفنية في مجال التعبير الجسدي و الرقص ( مسرحا و سنيما ) إلى الوصفات الإشهارية و االتجارية....
  و اعتماده في بيان الفرق الثقافي ( شكلا و وظيفة و أدوارا ) بين الذكور و الإناث حسب تقاليد المجتمعات و نظرتهم للعلاقة ( امرأة / رجل )...





الاثنين 6 يناير 2025

              

تعليمات خاصة بركن «الرأي الحر / ضيوف المنبر / نبض القلم / بلاغات صحفية »
 
الغاية
هذا الركن مفتوح أمام المتصفحين وضيوف الجريدة للتعبير عن آرائهم في المواضيع التي يختارونها، شرط أن تظل الكتابات منسجمة مع الخط التحريري وميثاق النشر الخاص بـ L’ODJ.

المتابعة والتحرير
جميع المواد تمر عبر فريق التحرير في موقع lodj.ma، الذي يتكفل بمتابعة المقالات وضمان انسجامها مع الميثاق قبل نشرها.

المسؤولية
صاحب المقال هو المسؤول الوحيد عن مضمون ما يكتبه. هيئة التحرير لا تتحمل أي تبعات قانونية أو معنوية مرتبطة بما ينشر في هذا الركن.

الممنوعات
لن يتم نشر أي محتوى يتضمن سبّاً أو قدحاً أو تهديداً أو ألفاظاً خادشة للحياء، أو ما يمكن أن يشكل خرقاً للقوانين المعمول بها.
كما يُرفض أي خطاب يحمل تمييزاً عنصرياً أو تحقيراً على أساس الجنس أو الدين أو الأصل أو الميول.

الأمانة الفكرية
السرقات الأدبية أو النقل دون إشارة للمصدر مرفوضة بشكل قاطع، وأي نص يتبين أنه منسوخ سيتم استبعاده.


















Buy cheap website traffic