كتاب الرأي

​انهيار الثنائية الحزبية في فرنسا وآثاره على الحياة الاقتصادية والسياسية


صنع الرئيس ماكرون ساكن قصر الإليزيه على طريقة "Fastfood" كعنوان أزمة في دولة ترقد على تراث حزبي وسياسي وإيديولوجي وقانوني وديمقراطي عريق. سقوط الثنائية الحزبية في فرنسا وفراغ مهام الوساطة ، ليس مجرد حادثة عابرة في تاريخ فرنسا، بل هي عبارة عن سقوط رأس جبل الجليد لأن الأزمة أعمق من ذلك ولها طابع بنيوي لايهم فرنسا فقط ، بل كثير من الدول الغربية التي خرجت منتصرة في الحرب العالمية الثانية وفرض عليها وجود الاتحاد السوفياتي ، قيام دولة الرعاية التي لم تقبلها أبدا الليبرالية المتوحشة وتعايشت معها على مضض إلى حين الارهاصات الأولى لسقوط جدار برلين ، لتظهر من جديد جشعها وعداءها للشعوب ، خاصة مع الثنائي تاتشر وريغان .



بقلم : عادل بن حمزة

التحولات المفصلية للمجتمعات المعاصرة حدثت عندما تحول العمل إلى مجرد وسيلة للعيش وليس الحياة ، وتحول الحكم من رؤية سياسية فكرية وتنظيمية تعكس مجموعة من القيم، مثل العدالة والانصاف وتتحقق بفضل سياسيين يمارسون السياسة بمفهومها النبيل ، إلى مجرد تقنيات للتدبير والحكامة في حاجة إلى خبراء فقط ، وعندما تحول الاقتصاد من كونه بحث عن الثروة وتوزيعها بشكل عادل وتحقيق الشغل لكل من يطلبه ، إلى مجرد فقاعة مالية بحاجة إلى مضاربين ومحاسبين وتقنوقراط يقدمون أرقاما للنمو والدخل لا علاقة لها بالواقع المعيش للإنسان .



و عندما تحولت المطارحات الفكرية والبرامج الانتخابية من تعبير عن منظومة ورؤية للمجتمع والدولة ، إلى مجرد "ماركوتينغ" لا فرق عند القائمين عليه بين مسحوق التصبين ومرشح لرئاسة الجمهورية، فالجمهور يخاطب من خلال الصورة و "القصة" الخبرية ، وأساسا من خلال غرائزه وفي صلبها الخوف ، الخوف من المهاجرين واللاجئين ، الخوف من أقصى اليمين ، الخوف من الإرهاب والتطرف وذلك مثل ما حدث في أغلب الانتخابات التي عرفتها أوربا في السنوات الأخيرة ، هذا الخوف تصنعه وتصنع أسبابه نفس الآلة التي تمثل "الدولة العميقة" بعيدا عن شكليات الديمقراطية ، والتي تتكون من كارتيلات السلاح والدواء والغذاء والنفط والإعلام وغيرها . 



مايحدث في شوارع باريس ومدن فرنسية أخرى هذه الأيام ، قد لايكون سوى مجرد إرهاصات أولية لصياغة جواب تاريخي على وحشية الرأسمالية المالية ، صحيح ليس هناك اليوم مثقف من حجم "سارتر" بمرافعاته التي يذكرها التاريخ في أحداث ماي 1968 ، لكن بكل تأكيد هناك مثقفين لازالوا يقاومون من أجل استقلاليتهم في مواجهة "الدولة العميقة" وأدواتها من أجل فك تعقيدات الواقع المعيش في زمن الشبكات ،  فجزء من أزمة المثقف اليوم ناتجة في أحد أبعادها عن عدم قدرته على فك الاختلاط الحاصل بين ماهو واقعي وماهو افتراضي في الواقع المعيش والذي يتحول بسرعة كبيرة ، ويعتبر "إيمانويل كستلز" أحد اللذين حاولوا تفكيك بنيات المجتمعات الشبكية في "عصر المعلومات" والذي يشكل عنوان كتاب له من ثلاثة أجزاء تناول فيه ، مجتمع الشبكات ، قوة الهوية ، والجيوسياسة العالمية من خلال بحث في الفاعلين الجدد.. ميزة المجتمع الشبكي عند "كستلز" هو قدرته على الانفلات من الضبط والتوجيه وتجاوز الزمان والمكان ، فالشبكة هي البنية الاجتماعية للعصر الشبكي ،  ما مكن الحركات الاجتماعية اليوم أن تتجاوز حصارها إعلاميا وتنجح في فرض روايتها في مقابل الرواية الرسمية .



أزمة المثقف اليوم هي أيضا نتيجة طبيعية لغياب السرديات الكبرى التي كانت تمثل النظريات الانسانية لمسيرة التاريخ ،  وسعت إلى تقديم أجوبة عن كثير من القضايا التي تهم الإنسانية في السياسة والثقافة والاقتصاد وبنيات المجتمع ، هذا الغياب أشر لخطابات النهايات : "نهاية الديمقراطية" ،"نهاية الايديولوجية"، "نهاية السياسة"، "نهاية العمل"،"نهاية التاريخ"، "نهاية الدولة"...الحركة المعارضة لرفع سن التقاعد هي امتداد  لحركة السترات الصفراء وقبلها حركة "black bloc" ، و"احتلوا ولستريت" ، هي غضب حارق على وحشية العولمة وسلطة المال وخطاب النهايات مما لم تعد "الدكاكين السياسية" قادرة على مواجهته حتى لو كانت على جادة الشانزليزيه ...

 

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاربعاء 26 أبريل 2023

في نفس الركن
< >

الاربعاء 10 يوليوز 2024 - 11:18 قراءة في كتاب "إسبانيا الآن.."


              




مدار اليوم
12:00

نوال المتوكل تنتخب نائبة لرئيس اللجنة الأولمبية الدولية

نوال المتوكل تنتخب نائبة لرئيس اللجنة الأولمبية الدولية
في اليوم الثاني من الدورة 142 لاجتماع اللجنة الأولمبية الدولية في باريس، تم انتخاب البطلة الأولمبية المغربية السابقة نوال المتوكل نائبة لرئيس اللجنة الأولمبية الدولية، إلى جانب الأرجنتيني جيراردو فيرثين. ستبدأ ولايتهما في 10 أغسطس، خلفًا لجون كوتس وسير ميانغ إنغ. تهانينا لنوال المتوكل على هذا الإنجاز الكبير الذي يعكس تميز الرياضة المغربية على الساحة الدولية!
11:57

ميمي الأبيض تحتفل بظهور كجوهراتها في "EMILY IN PARIS"

ميمي الأبيض تحتفل بظهور كجوهراتها في "EMILY IN PARIS"
أعربت ميمي الأبيض عن فرحتها الكبيرة بارتداء بطلات سلسلة "إيميلي في باريس" لمجوهراتها الخاصة بعلامتها التجارية المغربية. وشاركت ميمي مقطعاً تشويقياً للموسم الجديد من المسلسل عبر حسابها على إنستغرام، معلقة: "جد متشوقة لكشف جزء من العرض التشويقي من “إيميلي في باريس” الذي نشرته نتفليكس في موسمه الرابع، حيث يمكنكم رؤية بطلات المسلسل يرتدي مجوهرات من تصميمي". تهانينا لميمي على هذا الإنجاز الرائع الذي يبرز الثقافة والإبداع المغربيين على الساحة العالمية!
11:55

إطلاق منصة "سيدا وسل" لتعزيز التوعية الصحية في المغرب

إطلاق منصة "سيدا وسل" لتعزيز التوعية الصحية في المغرب
تم إطلاق المنصة التفاعلية «سيدا وسل» (Sidawasoul.ma) يوم الأربعاء 24 يوليوز بالرباط، بهدف توفير فضاء آمن لتبادل المعلومات والنقاش حول مرضي السيدا والسل. المبادرة تأتي من الجمعية المغربية للتضامن والتنمية، بدعم من شركاء حكوميين وغير حكوميين، كجزء من برنامج «تسريع الاستجابة لمرض السيدا والسل في المغرب في أفق 2030».

تهدف المنصة إلى تحسين الوقاية والعلاج من هذين المرضين من خلال توفير معلومات علمية وطبية موثوقة، وتشجيع الحوار المجتمعي حول التحديات الصحية. تُعد هذه الخطوة جزءاً من جهود متكاملة لتعزيز النظام الصحي الوطني وتحسين جودة الحياة للأفراد المصابين.














القائمة الجانبية الثابتة عند اليمين





Buy cheap website traffic