كتاب الرأي

​حزب الاستقلال يطرح رؤيته لإصلاح المنظومة الانتخابية : الاستقرار أولاً، والشفافية أساس الديمقراطية


مع اقتراب النقاش حول مراجعة القوانين الانتخابية، كشف حزب الاستقلال عن تصوّره الشامل لإصلاح المنظومة، مقدّماً مجموعة من المقترحات التي تمزج بين تعزيز الثقة، ضمان النزاهة، وتوسيع قاعدة المشاركة. الحزب شدّد على أن إصلاح القوانين لا يجب أن يكون مع كل محطة انتخابية، بل عبر تراكم التجربة وتحسين النصوص بما يعزز البناء الديمقراطي



بقلم : عدنان بنشقرون

استقرار المنظومة بدل التغييرات المتكررة

يرى الحزب أن المغرب راكم خبرة سياسية معتبرة، ومن الخطأ إعادة صياغة القوانين الانتخابية مع كل استحقاق. لذلك، يدعو إلى اعتماد مقاربة تقوم على تحسين المكتسبات عوض هدمها، حتى تبقى الثقة قائمة بين المواطن والمؤسسات.

تخليق الحياة السياسية

أحد أبرز محاور مذكرة الحزب هو محاربة الفساد السياسي. الاستقلال يقترح "ميثاقاً أخلاقياً" يُلزم الأحزاب بعدم تزكية المرشحين المتابعين في قضايا الفساد أو سوء تدبير المال العام. الهدف هو إغلاق الباب أمام المفسدين وإعطاء صورة جديدة عن السياسة تقوم على النزاهة والشفافية وخدمة الصالح العام.

مواجهة الانحراف الرقمي

حذّر الحزب من المخاطر المتزايدة لاستعمال منصات التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية بشكل غير مشروع، مثل شراء الحسابات الوهمية أو توظيف الذكاء الاصطناعي لتشويه الخصوم. لذلك، دعا إلى ميثاق واضح ينظم استعمال هذه المنصات ويضمن أن تبقى فضاءً للتنافس الشريف وليس للتضليل والابتزاز.

تمثيلية النساء والشباب والجالية

أكد الحزب أنه مع فتح المجال أمام الطاقات الجديدة، مقترحاً دوائر محلية خاصة بالنساء والشباب والمغاربة المقيمين بالخارج. لكنه شدد على أن الانتخابات التشريعية يجب أن تحافظ على طابعها الوطني العام، وأن لا تتحول إلى انتخابات فئوية، بخلاف مجلس المستشارين الذي يقوم بطبيعته على التمثيل القطاعي.

الإعلام العمومي كمنصة للنقاش

دعا حزب الاستقلال إلى إعادة صياغة علاقة الإعلام العمومي بالأحزاب، ليصبح فضاءً للنقاش السياسي الحقيقي، عبر مناظرات مفتوحة وتقديم برامج الأحزاب ونقدها، عوض ترك الساحة فارغة لخطابات الشعبوية المنتشرة على المنصات الرقمية. الحزب يرى أن تجارب الديمقراطيات المتقدمة أثبتت أن النقاش السياسي في الإعلام الرسمي يمنح الممارسة السياسية جاذبية ومصداقية.

ضبط الإشهار الانتخابي

في ما يخص الدعاية الانتخابية، اقترح الحزب وضع سقف للإنفاق خاصة في المجال الرقمي، حتى لا يحتكر حزب ذو إمكانيات مالية ضخمة المشهد الإشهاري. الهدف هو تكافؤ الفرص بين الجميع وضمان تعددية حقيقية.

إشراك الأشخاص في وضعية إعاقة

قدّم الحزب مقترحات عملية لتسهيل مشاركة ذوي الإعاقة، من بينها إدراج لغة الإشارة في الوصلات الرسمية، تجهيز مكاتب التصويت بالولوجيات الضرورية، والسماح للناخبين بالاستعانة بمرافقين عند الحاجة. كما اقترح منح دعم مالي إضافي للأحزاب التي تقدم مرشحين من هذه الفئة.

القاسم الانتخابي واللوائح

الحزب لم يطالب بتغيير القاسم الانتخابي الحالي، لكنه شدد على ضرورة مراجعة شاملة للوائح الانتخابية، عبر تحيينها والتشطيب على المكررين والمتوفين، ونقل التسجيلات تلقائياً عند تغيير السكن.

رفض التسجيل التلقائي

الاستقلال يرفض فكرة التسجيل التلقائي للناخبين، معتبراً أن التسجيل فعل إرادي يعكس الوعي والمسؤولية، وأن فرضه آلياً يتعارض مع روح الدستور ويُفرغ العملية من مضمونها الديمقراطي.

تمويل الأحزاب : مطلب بالرفع والمراجعة

أخيراً، اعتبر الحزب أن الدعم العمومي الحالي غير كافٍ بالنظر إلى حجم الأدوار الدستورية الملقاة على عاتق الأحزاب. واقترح الرفع من قيمة الدعم مع تشديد آليات الشفافية في صرفه، إضافة إلى رفع سقف التبرعات الفردية من 600 ألف درهم إلى 800 ألف درهم.

إصلاح بالتدرج لا بالقطيعة

بهذه المقترحات، يرسم حزب الاستقلال ملامح رؤية انتخابية تقوم على التدرج والإصلاح الهادئ، لا على القطيعة والتغيير الشامل. إصلاح يضع في الصدارة الشفافية والمنافسة النزيهة، ويعطي مكانة أكبر للشباب والنساء وذوي الإعاقة، مع ضبط تأثير المال والإعلام الرقمي. ويبقى السؤال: هل ستلتقي هذه التصورات مع إرادة باقي الأحزاب في أفق الاستحقاقات القادمة؟

حزب الاستقلال، الإصلاح الانتخابي، الشفافية، الاستقرار السياسي، مكافحة الفساد، تمثيلية النساء، تمثيلية الشباب





الأربعاء 24 شتنبر 2025
في نفس الركن