بقلم : عدنان بنشقرون
فكرة فرض رسوم على الزيارات تبدو في حد ذاتها مفاجئة إلى حد كبير. ففي بلد يظل الوصول إلى الرعاية الصحية فيه معركة يومية للعديد من العائلات، يبدو متناقضًا أن يُنظر في جعل إمكانية زيارة الأقارب للمريض على سريره أكثر كلفة. إذ يجدر التذكير بأن الزيارة ليست مجرد مصافحة: فهي غالبًا المحرك النفسي الذي يساعد المرضى على تحمل وضعهم، والحفاظ على التواصل مع العالم الخارجي، والحفاظ على الأمل.
لكن وراء هذا الاقتراح، يرى بعض خبراء الصحة أن هناك منطقًا اقتصاديًا بحتًا. ففي قطاع خاص تتنافس فيه العيادات بشراسة لجذب المرضى، تكمن الفكرة في تعويض القيود المالية المحدودة عبر زيادة الرسوم الثانوية. فالمسألة ليست في المقام الأول حول الاستشارة الطبية نفسها، بل حول الخدمات المساندة: مدة الزيارات، استخدام الغرف، وجود البنية التحتية. مثل هذا التغيير قد يسمح للعيادات بتحقيق إيرادات إضافية، وللدولة، إذا ما دعمت هذه المبادرة، بتحويل الضغط الواقع على التمويل العمومي للصحة.
ومع ذلك، فإن مثل هذا التطور يثير العديد من التساؤلات. فبعيدًا عن كونه مجرد إجراء إداري، فإنه يمس مباشرة جودة الرعاية والعلاقات الإنسانية التي تشكل، إلى حد كبير، أساس الشفاء. يمكننا أن نتخيل المشاهد في أروقة المستشفيات: عائلات مجبرة على الاختيار بين التواجد لدعم أحبائهم أو الخضوع لمتطلبات مالية غالبًا ما تكون بعيدة عن متناولهم. علاوة على ذلك، ماذا عن أولئك الذين لا يملكون القدرة على الذهاب بانتظام إلى المستشفى؟ هل سيُضطرون للتخلي عن زيارة قريب مريض بسبب رسوم مرتفعة؟
من الصحيح أن مسألة ربحية المؤسسات الخاصة تحتاج إلى النقاش، لكن التوازن بين التكاليف والأخلاقيات مسألة دقيقة. ففرض رسوم على الزيارات قد يزيد من التفاوتات الاجتماعية، ويؤدي أيضًا إلى تدهور صورة العيادات، التي قد تُنظر إليها كمؤسسات تضع الربح فوق رفاهية المريض. فالقطاع الصحي، سواء كان خاصًا أو عموميًا، يقوم على مبدأ أساسي: الرعاية لا يجب أن تكون سلعة، والمعاناة الإنسانية لا يجب أن تكون وسيلة للربح.
السؤال المطروح إذًا هو مستقبل نظامنا الصحي. هل يجب حقًا تحويل كل جانب من العلاقة الطبية، بما في ذلك الجانب الإنساني، إلى سلعة؟ قد تكون المقاربة الأكثر عدلاً هي التفكير في حلول بديلة لتحسين ربحية المؤسسات دون التضحية بجودة الرعاية والوصول العادل للصحة. المواطنون المغاربة يستحقون أكثر من منطق السوق في مجال حيوي كهذا.
في الوقت الحالي، تبدو هذه الفكرة، مهما كانت جريئة، خطأً استراتيجيًا أكثر منها تقدمًا لصالح الرفاهية الجماعية. الطريق ما زال طويلًا قبل أن يتمكن نموذج الصحة الخاصة في المغرب من الازدهار دون المساس بالقيم الأساسية للتضامن والإنسانية. حان الوقت لأن يفكر مسؤولو القطاع في حلول مستدامة تحترم المرضى، وكذلك مبدأ العدالة الاجتماعية