عبد القادر الإدريسي
منذ أن اهتممت بالبحث في تاريخ المغرب المعاصر ، من خلال الكتابة عن الأعمال الفكرية المنشورة للزعيم علال الفاسي ، و أنا أقول إن تاريخ بلادنا خلال العقود السبعة الأخيرة من القرن العشرين ، سيظل مبتوراً ما دامت لم تجمع وتنشر رسائل علال الفاسي و الحوارات الصحافية التي أجريت معه والخطب التي ألقاها في عديد من المناسبات في الداخل والخارج . ولذلك احتفيت بكتاب ( رسائل تشهد على التاريخ ) الذي صدر الجزء الأول منه في سنة 2006 ، من إعداد وتقديم الشيبة ماء العينين ، وصدر الجزء الثاني في سنة 2024 ، بينما صدر الجزء الثالث في السنة الحالية ، وتولى المختار باقة الإعداد والتقديم للجزءين الأخيرين .
وبصدور الجزء الثالث من هذا الكتاب ، الذي يقع في 575 صفحة ، أضيفت صفحات مهمة إلى السيرة الذاتية للزعيم علال الفاسي ، واستكملت جوانب من تاريخ المغرب خلال القرن العشرين ، وخاصة في الفترة التي تبدأ من أواخر العشرينيات ، وتنتهي في منتصف السبعينيات .
يضم الكتاب ، بالإضافة إلى التصدير والدراسة بقلم المختار باقة ، أربعة فصول ، يشمل الفصل الأول رسالة من علال الفاسي إلى الملك محمد الخامس ، مؤرخة في سنة 1934 ، في طلب الإذن بالرجوع للإقامة بفاس لاستئناف دروسه بالقرويين ، واثنتي عشرة رسائل ومذكرات من الكاتب إلى الملك الحسن الثاني ، تناولت موضوعات مختلفة ، تدور جميعها حول إصلاح الحياة السياسية في المغرب ، من جهة ، و الدفاع عن الوحدة الترابية من جهة أخرى . ومن هذه المذكرات السياسية المهمة ، واحدة موقعة من علال الفاسي و عبد الرحيم بوعبيد باسم الكتلة الوطنية إلى المدير العام للديوان الملكي ، حول استمرار الوجود العسكري الأمريكي ببلادنا.
أما الفصل الثاني فيضم رسائل ومذكرات إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية ومساعديه و خبراء الجامعة ، لبعض المنظمات الدولية . ويختص الفصل الثالث بالرسائل والمذكرات التي وجهها علال الفاسي إلى ملوك ورؤساء ووزراء وسفراء وولاة مختلف الدول ، و إلى شخصيات دينية وسياسية ، و إلى المنابر الإعلامية .
ويشتمل الفصل الرابع على رسائل ومذكرات إلى الوزراء والمسؤولين الحكوميين بالمغرب ، الأجانب منهم إبان الاستعمار ، والمغاربة في عهد الاستقلال ، و إلى الرأي العام الوطني والدولي .
و لا يخلو الكتاب من خطب الزعيم علال الفاسي في اجتماعات المجلس الوطني لحزب الاستقلال ، خلال السنوات 1960 ، 1969 ، 1971 ، إضافة إلى بيانات وتصريحات . ومن الوثائق التاريخية التي ألحقت بالكتاب ، المطالب المستعجلة التي أقرها المؤتمر الأول لكتلة العمل الوطني بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1936 ، ومحضر اجتماع اللجنة التنفيذية بمدريد في 20 و 21 نوفمبر 1955 .
ومن آخر الوثائق التي يضمها الكتاب ، تقرير حول ما جرى في محادثات الكتلة الوطنية مع جلالة الملك الحسن الثاني أيام 14 نوفمبر و 30 نوفمبر و 14 ديسمبر سنة 1971 . وهي وثيقة تنشر للمرة الأولى ، عن مرحلة دقيقة من تاريخ المغرب في تلك الفترة الحرجة .
واللافت للانتباه ، أن الجزء الأكبر من هذه الرسائل و المذكرات كتبها الزعيم علال الفاسي باسم حزب الاستقلال ، مما جعلها ترتقي إلى مستوى الوثائق التاريخية للحزب . ولذلك أنصح للجيل الاستقلالي الجديد والصاعد ، بقراءة هذا الكتاب ، لأنه يتناول مراحل بالغة الأهمية من تاريخ المغرب خلال العقدين السادس والسابع من القرن العشرين ، خاض فيها حزب الاستقلال أصعب المعارك السياسية ، دفاعاً عن حقوق المواطن في أن يعيش حراً في وطن حر . وهو ما يتجلى بالوضوح الكامل ، في كثير من المذكرات التي وجهها الزعيم علال إلى جلالة الملك الحسن الثاني ، منها على سبيل المثال ، المذكرة بتاريخ 16 أكتوبر سنة 1972 ، التي تدور حول الأزمة السياسية بالبلاد ، وحول مدى مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة المغربية آنذاك ، وذلك جواباً على الرسالة الملكية إلى الزعيم علال في الموضوع نفسه ، بتاريخ 13شتنبر سنة 1972.
و يقدر للمختار باقة مدير مؤسسة علال الفاسي ، أنه يكتب مقدمة تفسيرية لبعض المذكرات والرسائل ، تحت عبارة ( إضاعة ) ، وهو مجهود فكري يسلط الأضواء على الظروف التي كتبت فيها المذكرة أو الرسالة ، ليكون القارئ في الصورة .
استوقفتني رسالة من الزعيم علال الفاسي بتاريخ 16 يونيو سنة 1948 ، إلى رئيس لجنة الخبراء الماليين بجامعة الدول العربية ، حول مساهمة مالية قدمت من حزب الاستقلال إلى الجامعة العربية ، و إلى وزارة الدفاع المصرية . وتوجد هذه الرسالة مرقونة ومركونة بخزانة الزعيم علال مسجلة ضمن وثائق مؤسسة علال الفاسي .
جاء في هذه الرسالة بعد التحية ( لي كامل الشرف بأن أبلغ لعزتكم أن حزب الاستقلال المراكشي ، قد دفع باسم جامعة الدول العربية : مليونين من الفرنك في حسابها بالكونتوار دو باريس ، وخمسة ملايين أخرى من الفرنك كدفعة ثانية بواسطة سفير الحكومة المصرية بباريس . فيكون المجموع سبعة ملايين من الفرنك ) .
وتضيف الرسالة التي تعد من الوثائق المهمة ( أرجو من كربم فضلكم أن تحولوا ستة منها لحساب الجامعة العربية المتعلقى بالمجهود العسكري من أجل فلسطين ، ومليوناً واحداً من الفرنك لوزارة الدفاع المصرية ، لغرض الترفيه عن الجيش المصري الباسل باسم حزب الاستقلال المراكشي ) .
ولم تنته الرسالة ، فلا يزال فيها ما يستحق أن يقرأ في هذه الظروف التي تتعالى فيها المزايدات على المغرب في دعمه للقضية الفلسطينية . تقول الرسالة ( هذا و إن دفعات أخرى سيقدمها مندوب الحزب بباريس للسفارة المصرية باسم الجامعة العربية ، سأتشرف بالاتصال بكم في شأنها في الوقت المناسب ) .
إن شخصية الزعيم علال الفاسي تبدو جلية من خلال هذه الرسائل التي تسجل مراحل من النضال الوطني الذي خاض غماره هو و مجايلوه في تاريخ المغرب . وقد أحسن المختار باقة في الدراسة الموسعة ( 88 صفحة ) التي أعدها في تقديمه للكتاب . فهو إن المطلع على هذه الرسائل بأجزائها الثلاثة سيقف على شخصية علال الفاسي الفذة ، وعلى الدور الكبير الذي قام به من أجل تحرير بلده . ويقسم الملامح العلالية التي تظهرها الرسائل إلى ستة ، على النحو التالي :
1) عكست هذه الرسائل بالفعل أي طينة من الرجال الصناديد والعلماء الأفذاذ كان علال الفاسي .
2) وبينت بجلاء أي إيمان كان للرجل بهويته العربية الإسلامية ، وبجذوره المغربية المختلطة الدماء والأعراق ، من عرب وأمازيغ .
3 ) وكشفت أيضاً بوضوح تام الأفكار النيرة والآراء الجريئة التي حملها هذا الرجل .
4) وأظهرت بجلاء الأدوار الرائدة التي قام بها الزعيم علال الفاسي في تاريخ هذا الوطن .
5) وأزاحت لشكل كبير الضباب الذي كان يخيم على حقيقة مجموعة من الأحداث و الوقائع التي عرفها المغرب خلال الفترة الممتدة من سنة 1930 إلى سنة 1974.
6) وكشفت اللبس الذي حال ، ولا يزال ، دون معرفة الحقيقة الكاملة لتاريخ وطننا .
وهكذا تكون هذه الرسائل والمذكرات عبارة عن وثائق تاريخية مهمة وخام ، زاخرة بالمعلومات الثابتة . وهي ، كما يقول المختار باقة ، فرصة سانحة ومفتوحة في وجه المؤرخين والباحثين من أجل قراءتها وتحليلها و تحقيقها والبحث فيها ، والتنقيب ضمنها عن الحقائق التاريخية الضائعة وسط الصراع السياسي الهدام ، والمقارنة بينها وبين ما كتب لحد الآن من تاريخ المغرب .
والحق أن الرسائل والمذكرات المنشورة في الجزء الثالث من هذا الكتاب ، كما في الجزءين الأول والثاني ، وقد قرأتها وتأملت فيها ودرستها ، تعبر بشكل جلي عما تحلى به الزعيم علال الفاسي ، من إدراك قوي لسيرورة الأحداث الوطنية والدولية في عهده ، وتبين ما اتصف به من وعي عميق لتداخل المصالح بين البلدان وتضاربها ، كما توضح مدى قدرته على تحليل النظام العالمي في تلك الفترة ، وفهم المستجدات التي كانت سائدة والنفاذ منها إلى خدمة مصالح وطنه والدفاع عنها .
و الزعيم علال الفاسي في هذه الرسائل والمذكرات والتقارير والخطب السياسية ، مفكر إنساني ، ذو رؤية حضارية تستوعب مشاكل عصره ، وترسم معالم الطريق أمام الخلاص من الأزمات المعقدة و إنقاذ الحضارة الإنسانية . فعلال هنا أكبر منه مفكر عربي مسلم ومناضل وطني يدافع عن حرية بلاده والبلدان العربية الإسلامية المستعمرة إلى حدود مطلع العقد السادس من القرن العشرين
وهذه الشخصية الإنسانية ذات البعد الحضاري والرؤية الاستشرافية للمستقبل العربي الإسلامي والإنساني ، تتجلى لنا في أوضح صورة ، من خلال هذا الكتاب الذي أصدرته مؤسسة علال الفاسي ، لتستكمل به السيرة الذاتية لعلال الفاسي ، المنثورة في بعض مؤلفاته . ولذلك أقول إنه كتاب التكملة لتاريخ حياة علال الفاسي ، الذي يعكس تاريخ المغرب ، في أصعب مراحله .
وأجدني مديناً للأخ الأستاذ الباحث المختار باقة ، بالشكر الجزيل على الفرصة الممتعة التي أتاحها لتلامذة الزعيم علال الفاسي و لمريديه ومحبيه ، للاطلاع على رسائل مضيئة هي بالفعل شاهدة على التاريخ.
وبصدور الجزء الثالث من هذا الكتاب ، الذي يقع في 575 صفحة ، أضيفت صفحات مهمة إلى السيرة الذاتية للزعيم علال الفاسي ، واستكملت جوانب من تاريخ المغرب خلال القرن العشرين ، وخاصة في الفترة التي تبدأ من أواخر العشرينيات ، وتنتهي في منتصف السبعينيات .
يضم الكتاب ، بالإضافة إلى التصدير والدراسة بقلم المختار باقة ، أربعة فصول ، يشمل الفصل الأول رسالة من علال الفاسي إلى الملك محمد الخامس ، مؤرخة في سنة 1934 ، في طلب الإذن بالرجوع للإقامة بفاس لاستئناف دروسه بالقرويين ، واثنتي عشرة رسائل ومذكرات من الكاتب إلى الملك الحسن الثاني ، تناولت موضوعات مختلفة ، تدور جميعها حول إصلاح الحياة السياسية في المغرب ، من جهة ، و الدفاع عن الوحدة الترابية من جهة أخرى . ومن هذه المذكرات السياسية المهمة ، واحدة موقعة من علال الفاسي و عبد الرحيم بوعبيد باسم الكتلة الوطنية إلى المدير العام للديوان الملكي ، حول استمرار الوجود العسكري الأمريكي ببلادنا.
أما الفصل الثاني فيضم رسائل ومذكرات إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية ومساعديه و خبراء الجامعة ، لبعض المنظمات الدولية . ويختص الفصل الثالث بالرسائل والمذكرات التي وجهها علال الفاسي إلى ملوك ورؤساء ووزراء وسفراء وولاة مختلف الدول ، و إلى شخصيات دينية وسياسية ، و إلى المنابر الإعلامية .
ويشتمل الفصل الرابع على رسائل ومذكرات إلى الوزراء والمسؤولين الحكوميين بالمغرب ، الأجانب منهم إبان الاستعمار ، والمغاربة في عهد الاستقلال ، و إلى الرأي العام الوطني والدولي .
و لا يخلو الكتاب من خطب الزعيم علال الفاسي في اجتماعات المجلس الوطني لحزب الاستقلال ، خلال السنوات 1960 ، 1969 ، 1971 ، إضافة إلى بيانات وتصريحات . ومن الوثائق التاريخية التي ألحقت بالكتاب ، المطالب المستعجلة التي أقرها المؤتمر الأول لكتلة العمل الوطني بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1936 ، ومحضر اجتماع اللجنة التنفيذية بمدريد في 20 و 21 نوفمبر 1955 .
ومن آخر الوثائق التي يضمها الكتاب ، تقرير حول ما جرى في محادثات الكتلة الوطنية مع جلالة الملك الحسن الثاني أيام 14 نوفمبر و 30 نوفمبر و 14 ديسمبر سنة 1971 . وهي وثيقة تنشر للمرة الأولى ، عن مرحلة دقيقة من تاريخ المغرب في تلك الفترة الحرجة .
واللافت للانتباه ، أن الجزء الأكبر من هذه الرسائل و المذكرات كتبها الزعيم علال الفاسي باسم حزب الاستقلال ، مما جعلها ترتقي إلى مستوى الوثائق التاريخية للحزب . ولذلك أنصح للجيل الاستقلالي الجديد والصاعد ، بقراءة هذا الكتاب ، لأنه يتناول مراحل بالغة الأهمية من تاريخ المغرب خلال العقدين السادس والسابع من القرن العشرين ، خاض فيها حزب الاستقلال أصعب المعارك السياسية ، دفاعاً عن حقوق المواطن في أن يعيش حراً في وطن حر . وهو ما يتجلى بالوضوح الكامل ، في كثير من المذكرات التي وجهها الزعيم علال إلى جلالة الملك الحسن الثاني ، منها على سبيل المثال ، المذكرة بتاريخ 16 أكتوبر سنة 1972 ، التي تدور حول الأزمة السياسية بالبلاد ، وحول مدى مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة المغربية آنذاك ، وذلك جواباً على الرسالة الملكية إلى الزعيم علال في الموضوع نفسه ، بتاريخ 13شتنبر سنة 1972.
و يقدر للمختار باقة مدير مؤسسة علال الفاسي ، أنه يكتب مقدمة تفسيرية لبعض المذكرات والرسائل ، تحت عبارة ( إضاعة ) ، وهو مجهود فكري يسلط الأضواء على الظروف التي كتبت فيها المذكرة أو الرسالة ، ليكون القارئ في الصورة .
استوقفتني رسالة من الزعيم علال الفاسي بتاريخ 16 يونيو سنة 1948 ، إلى رئيس لجنة الخبراء الماليين بجامعة الدول العربية ، حول مساهمة مالية قدمت من حزب الاستقلال إلى الجامعة العربية ، و إلى وزارة الدفاع المصرية . وتوجد هذه الرسالة مرقونة ومركونة بخزانة الزعيم علال مسجلة ضمن وثائق مؤسسة علال الفاسي .
جاء في هذه الرسالة بعد التحية ( لي كامل الشرف بأن أبلغ لعزتكم أن حزب الاستقلال المراكشي ، قد دفع باسم جامعة الدول العربية : مليونين من الفرنك في حسابها بالكونتوار دو باريس ، وخمسة ملايين أخرى من الفرنك كدفعة ثانية بواسطة سفير الحكومة المصرية بباريس . فيكون المجموع سبعة ملايين من الفرنك ) .
وتضيف الرسالة التي تعد من الوثائق المهمة ( أرجو من كربم فضلكم أن تحولوا ستة منها لحساب الجامعة العربية المتعلقى بالمجهود العسكري من أجل فلسطين ، ومليوناً واحداً من الفرنك لوزارة الدفاع المصرية ، لغرض الترفيه عن الجيش المصري الباسل باسم حزب الاستقلال المراكشي ) .
ولم تنته الرسالة ، فلا يزال فيها ما يستحق أن يقرأ في هذه الظروف التي تتعالى فيها المزايدات على المغرب في دعمه للقضية الفلسطينية . تقول الرسالة ( هذا و إن دفعات أخرى سيقدمها مندوب الحزب بباريس للسفارة المصرية باسم الجامعة العربية ، سأتشرف بالاتصال بكم في شأنها في الوقت المناسب ) .
إن شخصية الزعيم علال الفاسي تبدو جلية من خلال هذه الرسائل التي تسجل مراحل من النضال الوطني الذي خاض غماره هو و مجايلوه في تاريخ المغرب . وقد أحسن المختار باقة في الدراسة الموسعة ( 88 صفحة ) التي أعدها في تقديمه للكتاب . فهو إن المطلع على هذه الرسائل بأجزائها الثلاثة سيقف على شخصية علال الفاسي الفذة ، وعلى الدور الكبير الذي قام به من أجل تحرير بلده . ويقسم الملامح العلالية التي تظهرها الرسائل إلى ستة ، على النحو التالي :
1) عكست هذه الرسائل بالفعل أي طينة من الرجال الصناديد والعلماء الأفذاذ كان علال الفاسي .
2) وبينت بجلاء أي إيمان كان للرجل بهويته العربية الإسلامية ، وبجذوره المغربية المختلطة الدماء والأعراق ، من عرب وأمازيغ .
3 ) وكشفت أيضاً بوضوح تام الأفكار النيرة والآراء الجريئة التي حملها هذا الرجل .
4) وأظهرت بجلاء الأدوار الرائدة التي قام بها الزعيم علال الفاسي في تاريخ هذا الوطن .
5) وأزاحت لشكل كبير الضباب الذي كان يخيم على حقيقة مجموعة من الأحداث و الوقائع التي عرفها المغرب خلال الفترة الممتدة من سنة 1930 إلى سنة 1974.
6) وكشفت اللبس الذي حال ، ولا يزال ، دون معرفة الحقيقة الكاملة لتاريخ وطننا .
وهكذا تكون هذه الرسائل والمذكرات عبارة عن وثائق تاريخية مهمة وخام ، زاخرة بالمعلومات الثابتة . وهي ، كما يقول المختار باقة ، فرصة سانحة ومفتوحة في وجه المؤرخين والباحثين من أجل قراءتها وتحليلها و تحقيقها والبحث فيها ، والتنقيب ضمنها عن الحقائق التاريخية الضائعة وسط الصراع السياسي الهدام ، والمقارنة بينها وبين ما كتب لحد الآن من تاريخ المغرب .
والحق أن الرسائل والمذكرات المنشورة في الجزء الثالث من هذا الكتاب ، كما في الجزءين الأول والثاني ، وقد قرأتها وتأملت فيها ودرستها ، تعبر بشكل جلي عما تحلى به الزعيم علال الفاسي ، من إدراك قوي لسيرورة الأحداث الوطنية والدولية في عهده ، وتبين ما اتصف به من وعي عميق لتداخل المصالح بين البلدان وتضاربها ، كما توضح مدى قدرته على تحليل النظام العالمي في تلك الفترة ، وفهم المستجدات التي كانت سائدة والنفاذ منها إلى خدمة مصالح وطنه والدفاع عنها .
و الزعيم علال الفاسي في هذه الرسائل والمذكرات والتقارير والخطب السياسية ، مفكر إنساني ، ذو رؤية حضارية تستوعب مشاكل عصره ، وترسم معالم الطريق أمام الخلاص من الأزمات المعقدة و إنقاذ الحضارة الإنسانية . فعلال هنا أكبر منه مفكر عربي مسلم ومناضل وطني يدافع عن حرية بلاده والبلدان العربية الإسلامية المستعمرة إلى حدود مطلع العقد السادس من القرن العشرين
وهذه الشخصية الإنسانية ذات البعد الحضاري والرؤية الاستشرافية للمستقبل العربي الإسلامي والإنساني ، تتجلى لنا في أوضح صورة ، من خلال هذا الكتاب الذي أصدرته مؤسسة علال الفاسي ، لتستكمل به السيرة الذاتية لعلال الفاسي ، المنثورة في بعض مؤلفاته . ولذلك أقول إنه كتاب التكملة لتاريخ حياة علال الفاسي ، الذي يعكس تاريخ المغرب ، في أصعب مراحله .
وأجدني مديناً للأخ الأستاذ الباحث المختار باقة ، بالشكر الجزيل على الفرصة الممتعة التي أتاحها لتلامذة الزعيم علال الفاسي و لمريديه ومحبيه ، للاطلاع على رسائل مضيئة هي بالفعل شاهدة على التاريخ.