بقلم: الكاتب عبد العزيز كوكاس
ألف مبروك، أيها الزعيم الذي شدّ عن قاعدة الطبيعة، انتصر على الزمن وأثبت أن الموت السياسي يمكن تأجيله كما تؤجَّل الميزانيات والمشاريع الكبرى.
مبروك عليك الولاية الرابعة وهذا “الاستقرار العضوي” النادر في عالم يتغير كل لحظة. في زمن تتبدل فيه التحالفات بسرعة الضوء، تظل أنت، بصلابتك البيروقراطية، كجبلٍ لا تهزه الرياح ولا الإشاعات ولا الزمن.
أيّ عبقرية سياسية هذه التي جعلتك تروض المؤتمرات، وتدجن الأصوات وتحوّل التصفيق إلى طقس طاعة؟ كيف استطبت الكرسي حتى صار امتداداً لجسدك؟ هل هو الكرسي الذي يتشبث بك أم أنت الذي التحمت به حتى صرتما شيئاً واحداً؟
في عصر السرعة، حيث يسقط الزعماء كل يوم من “ترند” إلى آخر، نجحت في أن تكون الثابت الوحيد في عالم متغير. في زمن جيل Z الذي لا يقرأ سوى الشاشات، نجحت أنت في كتابة نص من القرون الوسطى على جدار السياسة الحديثة. نراك تتكلم عن الشباب، وكأنك تتحدث عن كائنات أسطورية لم يسبق أن التقيتها. تقول إن الحزب في حاجة إلى الدم الجديد، لكنّك أنت مَن يتولى مهمة نقل الدم بنفسك – بعد غليه وتعقيمه – حتى لا يصيب الجسد أي تجديدٍ غير مرخص.
أنت لا تمثل حزباً بعد الآن بل تمثل ظاهرة فيزيائية نادرة: كيف يمكن لجسم سياسي أن يرفض التفكك رغم اهتراء مادته؟ كيف يمكن للحزب أن يتحول من مدرسة إلى مسرح، ومن مسرح إلى كاريكاتور؟ نحن لا نملك إلا أن نصفق لك، دهشةً من هذا الإصرار على تحويل التاريخ إلى نكتةٍ طويلة بلا نهاية. لقد جعلت من الاتحاديين ممثلين في مسرحك، ومن الوطن متفرجاً متعباً يضحك كي لا يبكي.
كيف نجحت في اختراع شكلٍ جديد من الديمقراطية؟ ديمقراطية لا يتداول فيها الناس على السلطة، بل تتداول فيها السلطة على الناس، ديمقراطية فيها التصويت مجرد أداء رمزي لشكرٍ جديد، وحيث الكرسي هو الثابت والرفاق متغيرون كأوراق الخريف.
لقد جعلت من الاتحاد الاشتراكي لوحة زيتية من الماضي، ألوانها باهتة، لكن توقيعك واضح في أسفلها. الحزب الذي وُلد من رحم المقاومة، صار اليوم مقاومةً ضد الولادة من جديد.
فليحيا الزعيم الأبدي في زمن “الجيل العابر”!
لقد دخلت التاريخ من الباب الذي لا يمرّ منه سوى من أتقن فنّ البقاء بعد سقوط الأفكار. أنت المعجزة السياسية التي جعلت من التداول على القيادة مجرّد شعارٍ طُبع على لافتات نُسيت في المخازن. أنت المثال الحيّ على أن الديمقراطية يمكن أن تكون مسرحية بلا جمهور وأن التصفيق يمكن أن يكون بديلاً عن الاقتراع.
لقد نجحت يا زعيمنا في أن تجعل من حزبٍ تاريخي مختبراً لتجريب الصبر الشعبي على العبث، وحوّلتَ مفهوماً عظيماً اسمه “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” إلى جملةٍ تُقال على سبيل الحنين، مثلما نتذكر “أيام الراديو” أو “الطوابع البريدية”. وأنت ما زلت تقرأ نتائج المؤتمر كما لو كانت بياناً من سبعينيات القرن الماضي وتعلن النصر على خصومٍ لم يولدوا بعد.
كل شيء تغيّر: اللغة، العالم، حتى الفقر أصبح رقمًا رقمياً، إلا أنت، ثابتٌ كالصورة الرسمية في المكاتب الإدارية، كالنشيد الوطني قبل مباريات كرة القدم، كالشعارات التي لا يمسها الغبار لأنها لا تُستعمل إلا في المؤتمرات. أنت لست زعيماً لحزبٍ الآن، أنت ظاهرة جينية في علم السياسة المغربي، تشرح كيف تتحول الحركة التاريخية إلى جثة متحركة، وكيف يمكن لفكرةٍ أن تعيش فقط في بيانات التهنئة.
مبروك عليك ولايتك الرابعة، ولا تقلق، فالشعب لا يتعب من المشاهدة. لقد صار المواطن المغربي خبيراً في متابعة المسرحيات السياسية، يعرف متى يدخل البطل، متى يصفق الجمهور ومتى تُغلق الستارة. نحن نراك على الخشبة، ونعلم أنك تحفظ النص جيداً، لكننا نعلم أيضاً أن المسرحية لم تعد تُقنع أحداً حتى الممثلين أنفسهم.
أيها الزعيم الأبدي،
اسمح لنا أن نمنحك وساماً جديداً.. وسام البقاء بلا أثر، وسام القدرة على تحويل الذاكرة إلى ديكور، والكرسي إلى جثةٍ مريحة والرفاق إلى شهودٍ على موتٍ بطيء. دمتَ زعيماً في زمنٍ نسي معنى الزعامة، ودام حزبك قيد الحياة في نشرات الأخبار، أما في الذاكرة، فقد انتهى العرض منذ زمن، لكن التصفيق لم يتوقف بعد…
مبروك عليك الولاية الرابعة وهذا “الاستقرار العضوي” النادر في عالم يتغير كل لحظة. في زمن تتبدل فيه التحالفات بسرعة الضوء، تظل أنت، بصلابتك البيروقراطية، كجبلٍ لا تهزه الرياح ولا الإشاعات ولا الزمن.
أيّ عبقرية سياسية هذه التي جعلتك تروض المؤتمرات، وتدجن الأصوات وتحوّل التصفيق إلى طقس طاعة؟ كيف استطبت الكرسي حتى صار امتداداً لجسدك؟ هل هو الكرسي الذي يتشبث بك أم أنت الذي التحمت به حتى صرتما شيئاً واحداً؟
في عصر السرعة، حيث يسقط الزعماء كل يوم من “ترند” إلى آخر، نجحت في أن تكون الثابت الوحيد في عالم متغير. في زمن جيل Z الذي لا يقرأ سوى الشاشات، نجحت أنت في كتابة نص من القرون الوسطى على جدار السياسة الحديثة. نراك تتكلم عن الشباب، وكأنك تتحدث عن كائنات أسطورية لم يسبق أن التقيتها. تقول إن الحزب في حاجة إلى الدم الجديد، لكنّك أنت مَن يتولى مهمة نقل الدم بنفسك – بعد غليه وتعقيمه – حتى لا يصيب الجسد أي تجديدٍ غير مرخص.
أنت لا تمثل حزباً بعد الآن بل تمثل ظاهرة فيزيائية نادرة: كيف يمكن لجسم سياسي أن يرفض التفكك رغم اهتراء مادته؟ كيف يمكن للحزب أن يتحول من مدرسة إلى مسرح، ومن مسرح إلى كاريكاتور؟ نحن لا نملك إلا أن نصفق لك، دهشةً من هذا الإصرار على تحويل التاريخ إلى نكتةٍ طويلة بلا نهاية. لقد جعلت من الاتحاديين ممثلين في مسرحك، ومن الوطن متفرجاً متعباً يضحك كي لا يبكي.
كيف نجحت في اختراع شكلٍ جديد من الديمقراطية؟ ديمقراطية لا يتداول فيها الناس على السلطة، بل تتداول فيها السلطة على الناس، ديمقراطية فيها التصويت مجرد أداء رمزي لشكرٍ جديد، وحيث الكرسي هو الثابت والرفاق متغيرون كأوراق الخريف.
لقد جعلت من الاتحاد الاشتراكي لوحة زيتية من الماضي، ألوانها باهتة، لكن توقيعك واضح في أسفلها. الحزب الذي وُلد من رحم المقاومة، صار اليوم مقاومةً ضد الولادة من جديد.
فليحيا الزعيم الأبدي في زمن “الجيل العابر”!
لقد دخلت التاريخ من الباب الذي لا يمرّ منه سوى من أتقن فنّ البقاء بعد سقوط الأفكار. أنت المعجزة السياسية التي جعلت من التداول على القيادة مجرّد شعارٍ طُبع على لافتات نُسيت في المخازن. أنت المثال الحيّ على أن الديمقراطية يمكن أن تكون مسرحية بلا جمهور وأن التصفيق يمكن أن يكون بديلاً عن الاقتراع.
لقد نجحت يا زعيمنا في أن تجعل من حزبٍ تاريخي مختبراً لتجريب الصبر الشعبي على العبث، وحوّلتَ مفهوماً عظيماً اسمه “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” إلى جملةٍ تُقال على سبيل الحنين، مثلما نتذكر “أيام الراديو” أو “الطوابع البريدية”. وأنت ما زلت تقرأ نتائج المؤتمر كما لو كانت بياناً من سبعينيات القرن الماضي وتعلن النصر على خصومٍ لم يولدوا بعد.
كل شيء تغيّر: اللغة، العالم، حتى الفقر أصبح رقمًا رقمياً، إلا أنت، ثابتٌ كالصورة الرسمية في المكاتب الإدارية، كالنشيد الوطني قبل مباريات كرة القدم، كالشعارات التي لا يمسها الغبار لأنها لا تُستعمل إلا في المؤتمرات. أنت لست زعيماً لحزبٍ الآن، أنت ظاهرة جينية في علم السياسة المغربي، تشرح كيف تتحول الحركة التاريخية إلى جثة متحركة، وكيف يمكن لفكرةٍ أن تعيش فقط في بيانات التهنئة.
مبروك عليك ولايتك الرابعة، ولا تقلق، فالشعب لا يتعب من المشاهدة. لقد صار المواطن المغربي خبيراً في متابعة المسرحيات السياسية، يعرف متى يدخل البطل، متى يصفق الجمهور ومتى تُغلق الستارة. نحن نراك على الخشبة، ونعلم أنك تحفظ النص جيداً، لكننا نعلم أيضاً أن المسرحية لم تعد تُقنع أحداً حتى الممثلين أنفسهم.
أيها الزعيم الأبدي،
اسمح لنا أن نمنحك وساماً جديداً.. وسام البقاء بلا أثر، وسام القدرة على تحويل الذاكرة إلى ديكور، والكرسي إلى جثةٍ مريحة والرفاق إلى شهودٍ على موتٍ بطيء. دمتَ زعيماً في زمنٍ نسي معنى الزعامة، ودام حزبك قيد الحياة في نشرات الأخبار، أما في الذاكرة، فقد انتهى العرض منذ زمن، لكن التصفيق لم يتوقف بعد…