بقلم : حفيظ فاسي فهري
أدان أكثر من 200 صحافي فعلاً ممارسات لجنة الأخلاقيات وطالبوا، في بلاغ، بحلّ اللجنة المؤقتة للمجلس الوطني للصحافة، عقب ما ورد في الفيديو الذي نشره الصحافي حميد المهداوي. وقد نفت اللجنة المؤقتة صحة هذه التسريبات الصوتية وقررت اللجوء إلى القضاء.
عريضة على إثر تسريبات "روبن هود" المهداوي
وبحسب البلاغ، فإن الصحافيين الموقعين يعبّرون عن «استيائهم العميق من الممارسات الخطيرة المنسوبة إلى لجنة الأخلاقيات والشؤون التأديبية، التابعة للجنة المؤقتة المكلفة بتدبير قطاع الصحافة والنشر».
ويُدين أصحاب العريضة كون هذه اللجنة استمرت في التصرف «بشكل غير لائق»، وفق الادعاءات الواردة في الفيديو الذي نشره حميد المهداوي، رغم انتهاء ولايتها، وفي تجاهل تام للقانون ولِكَرَامة الجسم الصحافي.
ويصف الصحافيون الوقائع التي وردت في الفيديو بأنها بالغة الخطورة. وبحسب المصدر نفسه، فإن الفيديو يُظهر أولاً أنّ "القرار" الصادر عن اللجنة تم تلقيه عبر الهاتف من خارج قاعة المداولات، في خرق واضح للقواعد المؤسساتية والنظام الداخلي الذي يفرض استقلالية المداولات.
المجلس الوطني للصحافة… ودرجة الصفر من الأخلاق والضوابط المهنية
مثل هذا السلوك يجعل القرار التأديبي منعدمَ القيمة القانونية. ويرى أصحاب العريضة أن الفيديو يبرز أيضاً ويُلمّح لاحتمال محاولة التأثير على القضاء، من خلال تصريحات تتحدث عن نية التوجه إلى الوكيل العام للملك وإلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية لمناقشة الملف.
ويعتبر البلاغ أنّ هذا السلوك يشكّل خرقاً لمبدأ فصل السلطات، ويُعدّ اعتداءً على استقلال القضاء وتدخلاً غير مقبول في سيره، حسب الموقعين.
كما يشير البلاغ إلى أن السلطة التأديبية استُخدمت بطريقة تعسفية، عبر تحويل هذا الآلية، التي يفترض أن تضمن احترام القواعد المهنية، إلى أداة للضغط والانتقام وتصفية الحسابات ضد الصحافيين.
ويشدد النص أيضاً على وجود مساس خطير بالجسم الصحافي وبمؤسسة التنظيم الذاتي، بسبب ممارسات اعتُبرت غير لائقة بأعضاء لجنة يُفترض أن تجسد النزاهة والحياد، بينما كان ينبغي أن تخضع تصرفاتهم هم أنفسهم للمساءلة، وفق تعبير الموقعين.
ويدعو الصحافيون إلى إعادة هيكلة عميقة لطريقة عمل لجنة الأخلاقيات والشؤون التأديبية، لضمان الشفافية والاستقلالية والنزاهة واحترام الحقوق.
تراجع استقلالية المهنة وغياب الشفافية في انتخابات المجلس الوطني للصحافة!
ووفق البلاغ دائماً، فإن هذه الممارسات لا تستهدف فقط الصحافي حميد المهداوي، بل تشكل هجوماً أوسع على حرية الصحافة وإضراراً خطيراً بجهاز يُفترض أن يحمي الضوابط المهنية، لا أن يساهم في انتهاكها.
ويعلن الموقعون عدداً من المواقف والمطالب. فهم يطالبون بفتح تحقيق عاجل وشفاف حول كل الخروقات التي كشف عنها الفيديو المنشور، وتحديد المسؤوليات القانونية والأخلاقية وفقاً للقانون.
دعوة إلى الحلّ النهائي للمجلس الوطني للصحافة!
كما يدعون إلى الحلّ النهائي للمجلس الوطني للصحافة، معتبرين أن المؤسسة فقدت شرعيتها وأسس استقلاليتها. ويعبّر النص أيضاً عن تضامن مطلق مع الصحافيين الذين تعرضوا لـ"غضب" هذه اللجنة، وعلى رأسهم حميد المهداوي ولوبنى الفلاح، وكل الأشخاص الذين كانوا ضحية ممارسات اعتُبرت انتقامية باسم التأديب.
ويؤكد الموقعون أن نشر التسجيل من طرف حميد المهداوي يدخل تماماً في إطار عمله الصحافي وواجبه المهني في كشف معلومات ذات مصلحة عامة، ولا يمكن اعتباره سبباً للملاحقة أو التضييق.
ويرون أن أي إجراء قضائي ضده سيكون بمثابة استمرار للمضايقة وتعزيز لسياسة الضغط على الأصوات المستقلة. كما يذكّرون بأن اللجنة المؤقتة فقدت كل أساس قانوني منذ أوائل أكتوبر، ولم يعد يحق لها اتخاذ إجراءات تأديبية أو إحالة ملفات على القضاء، مما يجعل أي خطوة من هذا النوع مجردة من الأساس القانوني.
ويدعو البلاغ أيضاً إلى إعادة هيكلة عميقة لطريقة عمل لجنة الأخلاقيات والشؤون التأديبية، لضمان الشفافية والاستقلالية والنزاهة واحترام الحقوق. كما يطالب بحماية كرامة الصحافيين ووضع حد لكل أشكال الترهيب الممارسة باسم "التأديب" أو التنظيم الذاتي.
ويطالب الموقعون أيضاً بمراجعة شاملة لمشروع القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة، المعروض حالياً على مجلس المستشارين، حتى يكون منسجماً مع الدستور ومع المبادئ الديمقراطية للتمثيلية.
ويشددون على ضرورة أن تُبنى هذه المؤسسة على معايير الكفاءة والاستقامة والمصداقية، بدل المنطق المالي أو الترتيبات الخاصة، مع ضمان حماية أقوى لحرية التعبير واستقلالية التنظيم الذاتي.
وأخيراً، يطالب الموقعون بإعادة هيكلة نظام الدعم العمومي لقطاع الصحافة، من خلال مراجعة قواعده وفلسفته، بما يعزز حرية التعبير ويقوي التعددية ويخدم المصلحة العامة عبر صحافة مستقلة ومهنية.
ويؤكدون على ضرورة ربط هذا الدعم بمعايير واضحة للجودة والامتثال القانوني والالتزام الأخلاقي، مع المطالبة بنشر سنوي وشفاف لقائمة المستفيدين، لحماية المال العام وتجنب أي شكل من أشكال الريع أو المنح غير المستحقة.
من الجدير بالذكر أن اللجنة المؤقتة كانت قد نفت، في بلاغ لها، صحة التسريبات التي فجّرت هذه الجدل، وقررت اللجوء إلى القضاء ضد صاحبها