بقلم : عبد الصمد الحيان، رئيس مبادرة طارق بن زياد
فالأحزاب السياسية، التي يُفترض أن تكون مدارس للتأطير السياسي وفضاءات لاحتواء هموم الشباب مع القرار العمومي، غابت عن الساحة أو تحولت إلى هياكل إدارية جامدة، بعيدة عن لغة الأجيال الجديدة وتطلعاتهم. منذ انتخابات 2021، التي جرت في سياق دقيق، أفرزت نتائج أوصلت حزبًا يفتقد إلى مؤهلات التواصل السياسي القريب من الناس، خاصة الشباب، حتى أصبح الصمت هو العنوان الأبرز للمرحلة.
النقابات بدورها فقدت الكثير من بريقها، حيث لم تعد قادرة على استيعاب دينامية الشغيلة، ما دفع هذه الأخيرة إلى إنشاء تنسيقيات فئوية جديدة، تعالج ملفات جزئية ومجزأة، في غياب رؤية نقابية موحدة وشاملة.
أما المجتمع المدني، الذي شكّل في مراحل سابقة قوة اقتراحية وفضاءً بديلًا للتأطير والمرافعة، فقد عرف هو الآخر تراجعًا ملحوظًا في قدرته على لعب دور الوسيط،بسبب التضييق والضغط تاركًا فراغًا كبيرًا في قنوات التواصل مع الشباب.
في ظل هذا الغياب الجماعي لوسائل الوساطة، لم يتبقَّ سوى المواجهة المباشرة مع رجال الأمن. لكن هذا الواقع مع الأسف، مهما طال، لن يكون قادرا على إخماد الأسئلة العميقة التي يحملها هذا الجيل.
جيل Gen Z في المغرب يعبّر اليوم بطرق مختلفة، خارج إطار الوساطة التقليدية. هذا التعبير يضعنا أمام مفترق طرق مهم: إما إعادة بناء جسور الثقة عبر إصلاح عميق للأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، وإما المضي نحو مزيد من القطيعة، وما تحمله من مخاطر كبرى.