رد جمعية "مغرب الثقافات"، الجهة المنظمة للمهرجان، جاء سريعًا وحازمًا، حيث أكدت، في بلاغ رسمي، احترامها الكامل للحقوق الفنية والقانونية المرتبطة بالحفل، مبرزة أنها حصلت على التراخيص اللازمة من "الجهة الوحيدة المخولة قانونياً" بتدبير حقوق استغلال صورة وصوت وأعمال العندليب. وقد اعتُبر هذا البلاغ بمثابة محاولة لتهدئة التوتر، وتأكيد لحرص المهرجان على احترام الضوابط، في وقت تتزايد فيه الانتقادات بشأن استخدام التكنولوجيا في إحياء رموز راحلة.
استخدام تقنية "الهولوغرام" لإحياء شخصيات فنية راحلة ليس جديدًا على الساحة العالمية، لكنه يظل مثيراً للجدل كلما ارتبط بأسماء ذات مكانة رمزية عالية في الذاكرة الجماعية. وفي حالة عبد الحليم حافظ، فإن البُعد العاطفي والجماهيري المرافق لاسمه يجعل أي مبادرة تمس إرثه موضع جدل بين التقدير والتعدي. وبينما يرى البعض في هذه العروض الرقمية وسيلة لإعادة التواصل مع أساطير الفن العربي، يعتبرها آخرون انتهاكًا صريحًا لخصوصية الموتى واستغلالًا تجاريًا لمكانتهم الرمزية.
من جهة أخرى، يطرح هذا النقاش إشكالية عميقة تتعلق بحقوق الورثة مقابل حقوق الشركات المتعاقدة قانونيًا على إدارة تراث الفنانين. ففي الوقت الذي أكدت فيه الجمعية المنظمة أنها استوفت جميع الشروط القانونية، جاءت تصريحات عائلة العندليب لتشكك في الجهة التي منحت تلك التراخيص، وتلوّح بإجراءات قانونية ضد ما اعتبرته "تجاوزًا غير مقبولاً".
ويُنظر إلى هذه القضية باعتبارها نموذجًا مصغرًا لصراع أوسع بين التقنيات الحديثة والتشريعات التقليدية التي لم تتطور بالوتيرة نفسها. إذ لا تزال أغلب القوانين المرتبطة بحقوق الصورة والصوت غير مهيأة للتعامل مع تعقيدات الذكاء الاصطناعي والتمثيل الرقمي بعد الوفاة، ما يفتح المجال أمام تفسيرات متباينة وصراعات قضائية محتملة.
أما من الناحية الفنية، فيرى بعض المهنيين في هذا الحفل فرصة لتقديم تجربة استثنائية للجمهور، تستحضر حنجرة العندليب وإطلالته الأيقونية بطريقة بصرية مبتكرة. غير أن هذا الرأي يصطدم بمعايير أخلاقية وقانونية يصعب تجاوزها، خصوصًا عندما يصدر الرفض من ذوي الحقوق المباشرين.