الإعدام بين السيادة وحقوق الإنسان
الجزائر كانت قد علّقت تنفيذ أحكام الإعدام منذ سنة 1993، لكن محاكمها استمرت في إصدارها على مدى العقود الثلاثة الماضية، دون تنفيذ فعلي. وقد كان آخر تنفيذ لهذه العقوبة في 31 غشت 1993، ضد سبعة متهمين أدينوا بتفجير مطار العاصمة، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل تسعة أشخاص. ومنذ ذلك الحين، بقيت عقوبة الإعدام "حبراً على ورق" دون أن يُمسّ بها أي سجين.
إلا أن التوجه الرسمي الجديد يضع البلاد على مسار تصادمي مع مبادئ حقوق الإنسان التي نصت عليها المواثيق الدولية، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي كفل في مادته الثالثة الحق في الحياة، وهو المبدأ الذي يُعدّ أساساً قانونياً لرفض الإعدام، خاصةً من طرف المنظمات الحقوقية العالمية التي تُصنّف هذه العقوبة كـ"انتهاك صارخ للكرامة الإنسانية".
التناقض مع الدستور المعدل
المثير للقلق أيضاً هو أن هذا التوجه يصطدم بالدستور الجزائري ذاته، وتحديداً في نسخته المعدّلة سنة 2020، حيث نصّت المادة 38 منه بوضوح على حماية الحق في الحياة. ويُحذر حقوقيون من أن فتح الباب أمام تفعيل عقوبة الإعدام، خصوصاً في قضايا معقدة الإثبات، يحمل معه مخاطر الخطأ القضائي، وهي أخطاء قد لا يمكن تصحيحها بمجرد إصدار الحكم.
أي رسالة يريد النظام العسكري إيصالها؟
بالنسبة لبعض المراقبين، فإن الخطاب الرسمي حول الإعدام ليس فقط مرتبطاً بمكافحة الجريمة، بل يحمل رسائل سياسية واضحة تتماشى مع نهج السلطة العسكرية الحاكمة في فرض القبضة الأمنية، والتأكيد على "الهيبة السيادية" للدولة، حتى وإن كان ذلك على حساب الانسجام مع التشريعات الوطنية والدولية.
إعادة التلويح بعقوبة الإعدام قد يُفهم أيضاً في سياق محاولة لفرض انضباط اجتماعي عبر التخويف، وهو ما يتنافى مع الرؤية الحديثة للعدالة، التي ترتكز على إعادة التأهيل أكثر من الانتقام.
الخلاصة: هل تعود الجزائر إلى الوراء؟
بين خطاب السيادة والمعايير الحقوقية، تقف الجزائر أمام مفترق طرق حساس: فإما أن تكرّس توجهها نحو التحديث والانفتاح باحترام التزاماتها الحقوقية، أو أن تنزلق مجدداً نحو مقاربات زجرية قمعية تهدد سمعتها الدولية وتُفاقم عزلة نظامها الحاكم.
إن إعادة تفعيل عقوبة الإعدام ليست فقط مسألة قانونية أو عقابية، بل هي مرآة تعكس فلسفة الحكم والسياسة العامة في البلاد. وعلى السلطات الجزائرية أن تُدرك أن الردع لا يكون دائماً بالمشانق، بل أحياناً يكون بالعدالة الحقيقية والتنمية العادلة.
الجزائر كانت قد علّقت تنفيذ أحكام الإعدام منذ سنة 1993، لكن محاكمها استمرت في إصدارها على مدى العقود الثلاثة الماضية، دون تنفيذ فعلي. وقد كان آخر تنفيذ لهذه العقوبة في 31 غشت 1993، ضد سبعة متهمين أدينوا بتفجير مطار العاصمة، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل تسعة أشخاص. ومنذ ذلك الحين، بقيت عقوبة الإعدام "حبراً على ورق" دون أن يُمسّ بها أي سجين.
إلا أن التوجه الرسمي الجديد يضع البلاد على مسار تصادمي مع مبادئ حقوق الإنسان التي نصت عليها المواثيق الدولية، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي كفل في مادته الثالثة الحق في الحياة، وهو المبدأ الذي يُعدّ أساساً قانونياً لرفض الإعدام، خاصةً من طرف المنظمات الحقوقية العالمية التي تُصنّف هذه العقوبة كـ"انتهاك صارخ للكرامة الإنسانية".
التناقض مع الدستور المعدل
المثير للقلق أيضاً هو أن هذا التوجه يصطدم بالدستور الجزائري ذاته، وتحديداً في نسخته المعدّلة سنة 2020، حيث نصّت المادة 38 منه بوضوح على حماية الحق في الحياة. ويُحذر حقوقيون من أن فتح الباب أمام تفعيل عقوبة الإعدام، خصوصاً في قضايا معقدة الإثبات، يحمل معه مخاطر الخطأ القضائي، وهي أخطاء قد لا يمكن تصحيحها بمجرد إصدار الحكم.
أي رسالة يريد النظام العسكري إيصالها؟
بالنسبة لبعض المراقبين، فإن الخطاب الرسمي حول الإعدام ليس فقط مرتبطاً بمكافحة الجريمة، بل يحمل رسائل سياسية واضحة تتماشى مع نهج السلطة العسكرية الحاكمة في فرض القبضة الأمنية، والتأكيد على "الهيبة السيادية" للدولة، حتى وإن كان ذلك على حساب الانسجام مع التشريعات الوطنية والدولية.
إعادة التلويح بعقوبة الإعدام قد يُفهم أيضاً في سياق محاولة لفرض انضباط اجتماعي عبر التخويف، وهو ما يتنافى مع الرؤية الحديثة للعدالة، التي ترتكز على إعادة التأهيل أكثر من الانتقام.
الخلاصة: هل تعود الجزائر إلى الوراء؟
بين خطاب السيادة والمعايير الحقوقية، تقف الجزائر أمام مفترق طرق حساس: فإما أن تكرّس توجهها نحو التحديث والانفتاح باحترام التزاماتها الحقوقية، أو أن تنزلق مجدداً نحو مقاربات زجرية قمعية تهدد سمعتها الدولية وتُفاقم عزلة نظامها الحاكم.
إن إعادة تفعيل عقوبة الإعدام ليست فقط مسألة قانونية أو عقابية، بل هي مرآة تعكس فلسفة الحكم والسياسة العامة في البلاد. وعلى السلطات الجزائرية أن تُدرك أن الردع لا يكون دائماً بالمشانق، بل أحياناً يكون بالعدالة الحقيقية والتنمية العادلة.